Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
albasseira.overblog.com

un blog qui traite des sujets sur l'islam

شرح كتاب النكاح

شرح كتاب النكاح

بسم الله الرحمن الرحيم ) كِتَابُ النِّكَاحِ مَا جَاءَ فِي خِطْبَةِ النِّسَاءِ الْخِطْبَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ مَا يُورَدُ مِنْ الْخَطْبِ فِي اسْتِدْعَاءِ النِّكَاحِ وَالْإِجَابَةِ إلَيْهِ وَهُوَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْخُطْبَةُ بِضَمِّ الْخَاءِ قَالَ أَبُو إسْحَاقَ الزَّجَّاجُ الْخِطْبَةُ فِيمَا لَهُ أَوَّلُ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْخِطْبَةَ بِكَسْرِ الْخَاءِ مَا يَجْرِي مِنْ الْمُرَاجَعَةِ وَالْمُحَاوَلَةِ لِلنِّكَاحِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ غَيْرُ مُقَدَّرٍ وَلَا يَتَعَيَّنُ لَهُ أَوَّلٌ وَلَا آخِرُ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ مَا يُسْتَدْعَى بِهِ النِّكَاحُ مِنْ الْقَوْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُؤَلَّفًا عَلَى نَظْمِ الْخُطَبِ فَيُقَالُ فُلَانٌ يَخْطُبُ فُلَانَةَ إذَا اسْتَدْعَى نِكَاحَهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ لَفْظٌ يُسَمَّى خِطْبَةً وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو إسْحَاقَ الزَّجَّاجُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم { لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ } وَلَمْ يَعْنِ بِالْخِطْبَةِ الْكَلَامَ الْمُؤَلَّفَ الَّذِي يُؤْتَى بِهِ عِنْدَ انْعِقَادِ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا يَتَرَاجَعُ بِهِ الْقَوْلُ عِنْدَ مُحَاوَلَةِ ذَلِكَ وَمُرَاوَضَتِهِ وَالْخِطْبَةُ فِي اسْتِدْعَاءِ النِّكَاحِ مَشْرُوعَةٌ قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وَهِيَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَعَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ دَاوُد هِيَ وَاجِبَةٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى { أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلَّذِي لَمْ يَجِدْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ قَدْ مَلَّكْتُكهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ } .

( ش ) : قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم { الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا } الْأَيِّمُ هِيَ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا . وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ { الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا } وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ لَفْظَ الْأَيِّمِ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا قَطُّ فَلَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا اللَّفْظُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو إسْحَاقَ أَنَّ الْأَيِّمَ هِيَ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا بَالِغًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ فَيَخُصُّ مِنْ ذَلِكَ الْبِكْرَ ذَاتَ الْأَبِ وَيَحْمِلُهُ عَلَى الثَّيِّبِ وَعَلَى الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ وَمَا تَقَدَّمَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ وَمَعَ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى عُمُومِهِ دُونَ تَخْصِيصٍ وَرِوَايَةُ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ تُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعْنَى كَوْنِهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَا إنْكَاحُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِإِذْنِهَا مِمَّنْ تَرْضَاهُ وَلَيْسَ لَهَا هِيَ أَنْ تَعْقِدَ عَلَى نَفْسِهَا نِكَاحًا وَلَا تُبَاشِرَهُ وَلَا أَنْ تَضَعَ نَفْسَهَا عِنْدَ غَيْرِ كُفْءٍ وَلَا أَنْ تُوَلِّي ذَلِكَ غَيْرَ وَلِيِّهَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقٌّ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَوَجْهُ كَوْنِهَا أَحَقَّ بِهِ أَنَّهَا إنْ كَرِهَتْ النِّكَاحَ لَمْ يَنْعَقِدْ بِوَجْهٍ وَإِنْ كَرِهَهُ الْوَلِيُّ وَرَغِبَتْهُ الْأَيِّمُ عُرِضَ عَلَى الْوَلِيِّ الْعَقْدُ فَإِنْ أَبَى عَقَدَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ السُّلْطَانُ فَهَذَا وَجْهُ كَوْنِهَا أَحَقَّ بِهِ مِنْ وَلِيِّهَا .

( ش ) : { قَوْلُ الْمَرْأَةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي وَهَبْت نَفْسِي لَك } تُرِيدُ عَلَى وَجْهِ النِّكَاحِ وَفِيهِ بَابَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هِبَةُ الْبُضْعِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ لِغَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالثَّانِي فِي النِّكَاحِ . ( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَنَّ هِبَةَ الْبُضْعِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ لَا تَجُوزُ ) لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحٌ بِدُونِ مَهْرٍ لِغَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قوله تعالى { وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ خَالِصٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُونَ سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَمِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ أَنَّ { الْمَرْأَةَ قَالَتْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ وَهَبْت نَفْسِي لَك } فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَلَوْ كَانَ مُنْكَرًا لَأَنْكَرَهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُقِرَّهَا عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يُقِرُّ عَلَى الْبَاطِلِ ثُمَّ أَنَّهُ لَمَّا سَأَلَ الْقَائِمَ نِكَاحَهَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ إلَى ذَلِكَ سَبِيلًا دُونَ صَدَاقٍ مَعَ حَاجَةِ الْقَائِمِ وَفَقْرِهِ وَعَدَمِ مَا يَصْدُقُهَا إيَّاهُ حَتَّى أَنْكَحَهُ إيَّاهَا بِمَا مَعَهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَوْ جَازَ أَنْ يَخْلُوَ نِكَاحُ غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِوَضٍ لَمَا مَنَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ مَعَ شِدَّةِ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ عَنَى بِهِ هِبَةَ النِّكَاحِ وَلَمْ يَعْنِ بِهِ هِبَةَ الصَّدَاقِ فَهَذَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ قَالَ وَإِنْ عَنَى بِهِ نِكَاحَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ فَلَا يَجُوزُ وَمَا أَصْدَقَهَا وَلَوْ رُبْعُ دِينَارٍ فَأَكْثَرُ فَجَائِزٌ وَلَهَا لَازِمٌ تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِيهِ عِنْدِي نَظَرٌ وَإِنَّمَا يَجِبُ إذَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ وَلَمْ تُرِدْ بِهِ النِّكَاحَ وَإِنَّمَا أَرَادَتْ بِهِ بَذْلَ الْبُضْعِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ نِكَاحٌ يَثْبُتُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَإِنَّمَا هُوَ سِفَاحٌ يَثْبُتُ فِيهِ الْحَدُّ وَلَا يَلْحَقُ فِيهِ النَّسَبُ وَأَمَّا مَا أَرَادَ بِهِ عَقْدَ النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ صَدَاقٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالثَّانِي أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ . وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إسْحَاقَ فِيهِ ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ تَقَدَّمَتَا وَالثَّالِثَةُ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَهَذَا يَقْتَضِي إمْضَاءَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ . ( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ لَهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِذَا قُلْنَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ .

( الْبَابُ الثَّانِي ) فِي حُكْمِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ وَهَبْتُك وَلِيَّتِي عَلَى أَنْ تَصْدُقَهَا مِائَةَ دِينَارٍ أَوْ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيَقَعُ الْعَقْدُ بِذَلِكَ فَقَدْ حَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي إشْرَافِهِ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ الْمُؤَبَّدَ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ دُونَ مَا يَقْتَضِي التَّوْقِيتَ وَزَادَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَلَفْظُ الصَّدَقَةِ قَالَ وَسَوَاءٌ عِنْدِي ذَكَرَ الْمَهْرَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي لَفْظِ الْهِبَةِ وَالْبَيْعِ وَالصَّدَقَةِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُمْ قَصَدُوا النِّكَاحَ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِ النِّكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ الْمُغِيرَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مَا رَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ لِلْقَائِمِ { قَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ } . وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَهُ إيَّاهَا بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا لَفْظٌ يَقْتَضِي إطْلَاقُهُ عَقْدَ تَمْلِيكٍ مُؤَبَّدٍ فَجَازَ أَنْ يَنْعَقِدَ بِهِ النِّكَاحُ كَلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ .

( ش ) : قَوْلُهُ رضي الله عنه أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا يُرِيدُ أَنَّ مَا بِهَا مِنْ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ لَا يُوجِبُ اسْتِبَاحَةَ بُضْعِهَا دُونَ عِوَضٍ وَلَا بُدَّ لِذَلِكَ مِنْ عِوَضٍ وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ رَدُّهَا بِهَذِهِ الْعُيُوبِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ الْمَقْصُودِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ أَحَدُهَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِالْمَعَانِي الْمُؤَثِّرَةِ فِي مَنْعِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي تَفْسِيرِ الْمَعَانِي الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ . وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالْبَابُ الرَّابِعُ فِي مُوجِبِ الْفُرْقَةِ بِذَلِكَ بَعْدَ الْمَسِيسِ . ( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِالْعُيُوبِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي مَنْعِ الِاسْتِمْتَاعِ ) أَمَّا ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِذَلِكَ فَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ رضي الله عنهما . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَجَازَ أَنْ يُرَدَّ بِعَيْبٍ يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ كَالزَّوْجِ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَافَقَنَا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يُرَدُّ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ .

الْبَابُ الثَّانِي فِي تَفْسِيرِ الْمَعَانِي الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ أَمَّا الْمَعَانِي الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ فَإِنَّهَا الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَدَاءُ الْفَرْجِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَعَانِي تَمْنَعُ اسْتِدَامَةَ الْوَطْءِ وَكَمَالَ الِالْتِذَاذِ بِهِ . ( فَرْعٌ ) فَالْجُنُونُ هُوَ الصَّرَعُ وَالْوَسْوَاسُ الَّذِي ذَهَبَ مَعَهُ الْعَقْلُ كُلُّ ذَلِكَ تُرَدُّ بِهِ الْمَرْأَةُ وَكَذَلِكَ الْجُذَامُ إذَا تَيَقَّنَ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا وَأَمَّا الْبَرَصُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَتُرَدُّ الْمَرْأَةُ مِنْ قَلِيلِ الْبَرَصِ فَقَالَ مَا سَمِعْت إلَّا مَا فِي الْحَدِيثِ وَمَا فَرَّقَ بَيْنَ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُرَدُّ مِنْ قَلِيلِهِ وَلَوْ أُحِيطَ عِلْمًا فِيمَا خَفَّ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ لَمْ تُرَدَّ مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَتُرَدُّ مِنْ قَلِيلِهِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ يَسِيرَهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ وَلَكِنَّهُ لَا يَكَادُ يَتَوَقَّفُ قَبْلَ الْمُعْتَادِ مِنْهُ التَّزَايُدِ فَكَانَ ذَلِكَ لِتَيَقُّنِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْجُودِ مِنْهُ . ( فَرْعٌ ) وَأَمَّا دَاءُ الْفَرْجِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَتَفْسِيرُهُ مَا كَانَ فِي الْفَرْجِ مِمَّا يَقْطَعُ لَذَّةَ الْوَطْءِ مِثْلُ الْعَفَلِ وَالْقَرْنِ وَالرَّتَقِ . وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ دَاءُ الْفَرْجِ هُوَ الْقَرْنُ وَالرَّتَقُ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا وَزَادَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي تَفْرِيعِهِ الْبَخَرُ وَالْإِفْضَاءُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَسْلَكَانِ وَاحِدًا وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ مَا يَكُونُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مِنْ دَاءِ الْفَرْجِ فَإِنَّ لِلزَّوْجِ الرَّدَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْوَطْءَ مِثْلُ الْعَفْلِ الْقَلِيلِ وَالْقَرْنِ وَحَرْقِ النَّارِ قَالَ وَالْمَجْنُونَةُ وَالْجَذْمَاءُ وَالْبَرْصَاءُ يُقْدَرُ عَلَى وَطْئِهَا مَعَ ذَلِكَ فَلِلزَّوْجِ رَدُّهَا . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَأَمَّا الْقَرَعُ الْفَاحِشُ فَإِنَّ ابْنَ حَبِيبٍ قَالَ لَهُ الرَّدُّ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ مَعْنَى الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُرْجَى بُرْؤُهُ فِي الْأَغْلَبِ وَلَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَالْجَرَبِ وَنَحْوِهِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْعُيُوبِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ بِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الصِّحَّةَ كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ وَالْعَرَجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْعَاهَاتِ فَإِنْ اشْتَرَطَ الصِّحَّةَ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا لَمْ تُرَدَّ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَهَا لِغِيَّةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى نَسَبٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مَعْنًى لَا يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ فَلَا يُوجِبُ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ كَانَتْ شَارِبَةَ خَمْرٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْخَاطِبُ لِنَفْسِهِ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ لَهُ إلَّا السَّوْدَاءَ فَإِنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِهَا سَوَادٌ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالشَّرْطِ وَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يُعْلَمَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَيَتَزَوَّجُ عَلَى أَنَّ أَهْلَهَا لَا أَسْوَدَ فِيهِمْ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْمَسِيسِ أَمَّا مَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا بِالْمَرْأَةِ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ حَادِثًا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا بِهَا حِينَ الْعَقْدِ فَعَلِمَ بِهِ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ يَبْنِي وَعَلَيْهِ جَمِيعُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَيْبٌ دُلِّسَ لَهُ بِهِ وَلَمْ يَفُتْ الْبُضْعُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ لَا يَرْضَى بِالْعَيْبِ فَيَرُدَّ النِّكَاحَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ يَرْضَى بِهِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ أَوْ نِصْفُهُ إنْ طَلَّقَ بَعْدَ الرِّضَا وَقَبْلَ الْبِنَاءِ .

الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مُوجِبِ الْفُرْقَةَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْمَسِيسِ وَأَمَّا مُوجِبُ الْفُرْقَةِ بِذَلِكَ بَعْدَ الْمَسِيسِ فَإِنَّ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِ الزَّوْجُ مِنْ ذَلِكَ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ الْمَسِيسِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَحْدُثَ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ حَدَثَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَقَدْ وَجَبَ لِلْمَرْأَةِ جَمِيعُ الْمَهْرِ بِالْمَسِيسِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ بِالْمَرْأَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْبِضْعِ الْمُسْتَبَاحِ مِنْ عِوَضٍ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ بِنْتَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَتْ تَحْتَ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَمَاتَ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا يَقْتَضِي أَنَّ نِكَاحَهَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّفْوِيضِ وَالنِّكَاحُ عَلَى ضَرْبَيْنِ نِكَاحُ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ وَنِكَاحُ تَفْوِيضٍ فَأَمَّا نِكَاحُ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ وَأَمَّا نِكَاحُ التَّفْوِيضِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قوله تعالى { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً } قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فَأَبَاحَ الطَّلَاقَ مَعَ عَدَمِ الْفَرْضِ وَالْمَسِيسِ وَالطَّلَاقُ الْمُبَاحُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رحمه الله وَعِنْدِي أَنَّ وَجْهَ التَّعَلُّقِ مِنْ الْآيَةِ أَنَّهُ بِمَعْنَى نَفْيِ الْجُنَاحِ عَنْ مَنْ طَلَّقَ مَا لَمْ يَمَسَّ أَوْ يَفْرِضْ فَرِيضَةً وَهَذَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْمَأْثَمِ بِعَقْدِهِ وَإِذَا ارْتَفَعَ الْمَأْثَمُ دَلَّ عَلَى إبَاحَتِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّتِهِ الْإِجْمَاعُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي جَوَازِهِ وَصِحَّتِهِ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ أَحَدُهَا فِي صِفَتِهِ وَالثَّانِي فِي حُكْمِهِ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالثَّالِثُ فِي حُكْمِهِ بَعْدَ الْمَسِيسِ وَالرَّابِعُ فِي حُكْمِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ . ( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَتِهِ ) أَمَّا صِفَتُهُ فَهُوَ أَنْ يُصَرِّحُوا بِالتَّفْوِيضِ أَوْ يَسْكُتُوا عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَشْهَبُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ إطْلَاقُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ إلَّا بِعِوَضٍ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ مَا يَنْفِي الْعِوَضَ حُمِلَ عَلَى النِّكَاحِ بِالْمَهْرِ الَّذِي يُسْكَتُ عَنْ ذِكْرِهِ وَهُوَ بِمَعْنَى نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَاقْتَضَى ذَلِكَ التَّفْوِيضَ إلَى الزَّوْجِ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ يَنْفُذُ وَعَلَيْهِ يَجِبُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَمِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يُزَوِّجَهَا عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ عَلَى حُكْمِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَلَى حُكْمِ الْوَلِيِّ فَأَمَّا عَلَى حُكْمِ الزَّوْجَةِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي جَوَازِهِ غَيْرَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّ ابْنَ الْمَوَّازِ يَفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَنَحْوَ ذَلِكَ رَوَى عَنْهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ حَبِيبٍ جَوَازَهُ وَجْهُ رِوَايَةِ الْجَوَازِ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ فِي مِقْدَارِ الصَّدَاقِ فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ النِّكَاحِ كَالتَّفْوِيضِ إلَى الزَّوْجِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْمَنْعِ أَنَّ الصَّدَاقَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَإِذَا بَذَلَ مَهْرَ الْمِثْلِ لَزِمَ النِّكَاحُ وَلَيْسَ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ فَإِذَا رَضِيَتْ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ النِّكَاحُ لِأَنَّ لِلزَّوْجِ الِامْتِنَاعَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْ النِّكَاحُ مِنْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ كَانَ التَّفْوِيضُ فِي الْبُضْعِ .

( الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ قَبْلَ الْمَسِيسِ ) وَأَمَّا نِكَاحُ التَّفْوِيضِ بِالتَّصْرِيحِ أَوْ السُّكُوتِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ لِلْمَرْأَةِ إنْ فَرَضَ لَهَا الزَّوْجُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَلَا يَخْلُو غَرَضُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ يَفْرِضَ مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ وَالثَّانِي أَنْ يَفْرِضَ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَالثَّالِثُ أَنْ يَفْرِضَ مِنْ الْمَهْرِ مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا فَإِذَا فَرَضَ مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ قَدْ مَلَكَ اسْتِبَاحَةَ بُضْعِهَا بِدَلِيلِ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَإِذَا مَلَكَ ذَلِكَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ وَذَلِكَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ فَرَضَ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ فَإِنْ رَضِيَتْهُ الزَّوْجَةُ جَازَ النِّكَاحُ وَلَزِمَهَا وَإِنْ أَبَتْ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهَا النِّكَاحُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا فَرَضَ رُبُعَ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ فَالْحَقُّ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْهُمَا فَمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ لَزِمَهُمَا وَجَازَ لَهُمَا ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا فَرَضَ لَهَا مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَذَلِكَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ فَلَا يَجُوزُ لَهَا الرِّضَا بِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا إسْقَاطُهُ .

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بَعْدَ الْمُسَمَّى وَأَمَّا أَنَّهُ إذَا دَخَلَ بِهَا بَعْدَ أَنْ سَمَّى لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَإِنَّ لَهَا ذَلِكَ كُلَّهُ بِالْمَسِيسِ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَجَبَ لَهَا بِالْمَسِيسِ مَهْرُ الْمِثْلِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ . وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّهُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْمَسِيسِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَا عَقَدَ عَلَيْهِ مِنْ الْبُضْعِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ لِعِوَضٍ فَوَجَبَ أَنْ تَلْزَمَهُ قِيمَتُهُ وَذَلِكَ مَهْرُ الْمِثْلِ .

الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ أَمَّا مَا يُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ أَرْبَعُ صِفَاتٍ : الدِّينُ وَالْجَمَالُ وَالْمَالُ وَالْحَسَبُ وَمِنْ شَرْطِ التَّسَاوِي مَعَ ذَلِكَ الْأَزْمِنَةُ وَالْبِلَادُ فَمَنْ سَاوَاهَا فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ رُدَّتْ إلَيْهَا فِي مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَقَارِبِهَا . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعْتَبَرُ مِنْهَا عَصَبَتُهَا فَقَطْ وَهُنَّ أَخَوَاتُهَا وَبَنَاتُ أَعْمَامِهَا وَكُلُّ مَنْ يَرْجِعُ بِالِانْتِسَابِ بَيْنَهُمَا إلَى التَّعْصِيبِ وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْهَا قَوْمُهَا اللَّوَاتِي مَعَهَا فِي عَشِيرَتِهَا فَدَخَلَ فِيهَا سَائِرُ الْعَصَبَاتِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْخَالَاتِ دُونَ الْأَجَانِبِ . وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يُعْتَبَرُ بِذَوَاتِ الْأَرْحَامِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم { يُنْكَحُ النِّسَاءُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك } . فَوَجْهُ الدِّينِ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ هَذِهِ الصِّفَاتُ فَوَجَبَ أَنْ يَزِيدَ الْمَهْرَ وَيَنْقُص بِحَسَبِ هَذِهِ الْمَعَانِي الْمَقْصُودَةِ وَلَا يَقْصُرُ ذَلِكَ عَلَى الْحَسَبِ دُونَ غَيْرِهِ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَضَّ عَلَى ذَاتِ الدِّينِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِبَارُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ أَوْلَى وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ زَوْجَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي مَهْرِ مِثْلِهَا مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ حَالِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ قَوْمِهَا كَاَلَّتِي لَا عَشِيرَةَ لَهَا .

( فَرْعٌ ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْفَسَادَ يَدْخُلُ فِي الْمَهْرِ مِنْ جِهَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَالثَّانِيَةُ مِنْ جِهَةِ الْجِنْسِ وَفِي ذَلِكَ بَابَانِ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَهْرِ مِنْ الْفَسَادِ مِنْ جِهَةِ الْجِنْسِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ النِّكَاحِ الْمُنْعَقِدِ عَلَى ذَلِكَ . ( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَهْرِ مِنْ الْفَسَادِ مِنْ جِهَةِ الْجِنْسِ ) الْمَهْرُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مَنَافِعُ وَأَعْيَانٌ . وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ وَالْكَلَامُ هَاهُنَا فِي حُكْمِ الْأَعْيَانِ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَعْيَانَ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَضَرْبٌ لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَحْرَارِ مِنْ بَنِي آدَمَ فَأَمَّا مَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ فَإِنَّهُ عَلَى قِسْمَيْنِ مُعَيَّنٌ وَغَيْرُ مُعَيَّنٍ فَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ النِّكَاحِ بِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ عُذْرٌ غَالِبٌ وَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ فَأَمَّا الْحَاضِرُ فَيَجُوزُ النِّكَاحُ بِهِ كَالنِّكَاحِ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مِنْ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ جُزَافًا أَوْ غَيْرَ جُزَافٍ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَأَمَّا مَا يَكُونُ فِيهِ عُذْرٌ غَالِبٌ كَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَإِنَّ الْقَاضِي أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِ الْعَقْدِ بِهِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ النِّكَاحِ بِمُعَيَّنٍ لَا يَمْلِكُهُ النَّاكِحُ كَدَارِ زَيْدٍ وَعَبْدِ عَمْرٍو رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ .

( الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ النِّكَاحِ الْمُنْعَقِدِ عَلَى ذَلِكَ ) إذَا وَقَعَ الْفَسَادُ فِي النِّكَاحِ لِفَسَادِ الْمَهْرِ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ ابْتِدَاءً فَإِنْ وَقَعَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يُفْسَخُ الْعَقْدُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَالْأُخْرَى يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَيَجِبُ صَدَاقُ الْمِثْلِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِمَا إنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ وَلَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْمَهْرِ وَيَجِبُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِذَا قُلْنَا إنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ فَوَجْهُهُ قوله تعالى { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } فَعَلَّقَ الْإِحْلَالَ بِشَرْطِ أَنْ نَبْتَغِيَ بِأَمْوَالِنَا , وَالْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ لَيْسَ بِمَالٍ لَنَا وَهَذَا عِنْدِي عَلَى الْقَوْلِ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَوَجَبَ أَنْ يَفْسُدَ بِفَسَادِ الْعِوَضِ كَالْبَيْعِ وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي النِّكَاحِ فَوَجَبَ أَنْ يَفْسُدَ النِّكَاحُ بِتَحْرِيمِهِ كَتَحْرِيمِ الْبُضْعِ وَوَجْهُ التَّصْحِيحِ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ مَقْصُودُهُ الْمُكَارَمَةُ وَالْمُوَاصَلَةُ فَلِذَلِكَ يَفْسُدُ بِفَسَادِ الثَّمَنِ وَلِذَلِكَ جَازَ عَقْدُ النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ . ( فَرْعٌ ) هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بِلَفْظِ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ مَالِكٍ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْإِيجَابِ تَغْلِيظًا وَعُقُوبَةً وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ احْتِيَاطًا وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فَإِنْ وَقَعَ الدُّخُولُ لَمْ يَفْسُدْ لِأَنَّ الصَّدَاقَ قَدْ وَجَبَ فَلَا يُوجَدُ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ رَدْعًا يُرِيدُ أَنَّهُ يَكُونُ الرُّجُوعُ بِمَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّلْقَةِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَتْ إلَيْهِ عَلَى طَلْقَتَيْنِ وَقَوْلُهُ فِي وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ إنَّهُ إذَا وَقَعَ الدُّخُولُ وَجَبَ الصَّدَاقُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ فَلَمْ يُفْسَخْ يَطْرُدُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الْفَسْخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَاجِبٌ بِفَسَادِ الْمَهْرِ فَلَمَّا انْتَقَلَ بِالْبِنَاءِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ وَعَرَا النِّكَاحُ عَنْ فَسَادِ الْمَهْرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رضي الله عنه وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْفَسْخَ وَاجِبٌ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَإِنَّمَا ذَهَبَ إلَى الِاسْتِحْبَابِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا حِينَ أَلْزَمَهُمْ الْمُخَالِفُ أَنَّ الْعَقْدَ إنْ كَانَ انْعَقَدَ عَلَى الْفَسَادِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ بِالْبِنَاءِ وَمَا قَالَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ جَازَ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْفَوَاتِ وَلَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْفَوَاتِ وَمَا قَالَهُ الْمُخَالِفُ غَيْرُ لَازِمٍ وَقَدْ بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ السِّرَاجِ بِمَا يُغْنِي النَّاظِرَ فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ .

( ش ) : قَوْلُهُ رضي الله عنه إذَا أُرْخِيَتْ السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ يُرِيدُ إذَا خَلَا الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ وَانْفَرَدَ انْفِرَادًا بَيِّنًا فَقَدْ وَجَبَ إكْمَالُ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّ بِالْخَلْوَةِ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إكْمَالُ الصَّدَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَسِيسُ غَيْرَ أَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَ مَالِكٍ فِيمَا رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْحَدِيثِ إذَا أُرْخِيَتْ السُّتُورُ الْخَلْوَةُ وَأُرِيدَ بِقَوْلِهِ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْمَسِيسَ بِمَعْنَى أَنَّ الْخَلْوَةَ شَهَادَةٌ لَهَا جَارِيَةٌ أَنَّ الرَّجُلَ مَتَى خَلَا بِامْرَأَتِهِ أَوَّلَ خَلْوَةٍ مَعَ الْحِرْصِ عَلَيْهِ وَالتَّشَوُّفِ إلَيْهَا فَإِنَّهُ قَلَّمَا يُفَارِقُهَا قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا فَهَذَا الَّذِي أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ الصَّدَاقَ يَجِبُ بِنَفْسِ الْخَلْوَةِ وَإِنْ عَرَا مِنْ الْمَسِيسِ قَالَ وَقَدْ أَحْكَمَ كِتَابُ اللَّهِ هَذَا فِي قوله تعالى { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ وَبِهَذَا قَالَ مِنْ الصَّحَابَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَزَادَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَطَاوُسٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُكْمِلُ الصَّدَاقَ بِنَفْسِ الْخَلْوَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَبِهِ قَالَ مِنْ الصَّحَابَةِ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَمِنْ التَّابِعِينَ الزُّهْرِيُّ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ عُمَرَ وَزَيْدٍ فَقَدْ بَيَّنَّا تَأْوِيلَ مَالِكٍ لَهُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ عَلِيٍّ يَحْتَمِلُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ قوله تعالى { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } وَهَذَا قَدْ طَلَّقَ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ خَلْوَةٌ عَرِيَتْ عَنْ الْمُتْعَةِ فَلَا يَجِبُ بِهَا كَمَالُ الصَّدَاقِ أَصْلُهُ إذَا كَانَ بِمَحْضَرِ الْحُكْمِ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُحْرِمًا أَوْ صَائِمًا .

( ش ) : قَوْلُهُ { إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ وَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ } يَقْتَضِي أَنَّهُ قَالَ لَهَا ذَلِكَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ أَصْبَحَتْ فِيهِ عِنْدَهُ . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنْ شِئْتِ زِدْتُكِ وَحَاسَبْتُكِ بِهِ , الْبِكْرُ سَبْعٌ وَالثَّيِّبُ ثَلَاثٌ } وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهَا ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ يَوْمٍ فَاخْتَارَتْ الثَّلَاثَةَ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ حِينَ تَعَلَّقَتْ بِثَوْبِهِ إعَادَةً لِلتَّخْيِيرِ . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم { لَيْسَ بِك عَلَى أَهْلِك هَوَانٌ } يُرِيدُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِهَيِّنَةٍ عَلَيْهِ بَلْ يُرِيدُ إكْرَامَهَا وَمُوَافَقَةَ إرَادَتِهَا فِي الْمَقَامِ عِنْدَهَا وَأَنَّهُ إنْ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَعَ أَنَّ الْمَقَامَ عِنْدَ الْبِكْرِ سَبْعٌ فَلَيْسَ لِهَوَانِهَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّ حَقَّ سَائِرِ الزَّوْجَاتِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَقَامِ عِنْدَهَا فَإِنْ سَبَّعَ عِنْدَهَا وَزَادَ عَلَى الْمَقَامِ عِنْدَ الثَّيِّبِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقْضِيَ سَائِرَ نِسَائِهِ مِنْ الْمُدَّةِ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ حُكْمُ الثَّلَاثِ عِنْدَ الثَّيِّبِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ لَهَا فِي مَقَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَّصِلَ بِمَا بَعْدَهَا فَيَسْقُطُ لِذَلِكَ حُكْمُ الثَّلَاثِ وَيَبْقَى مُجَرَّدُ التَّسْبِيعِ تَضَمُّنًا لِإِرَادَةِ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها فَلَا بُدَّ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى الْحَقِّ الْوَاجِبِ لَهَا مِنْ التَّثْلِيثِ لَمْ يَقْضِ سَائِرَ الْأَزْوَاجِ شَيْئًا وَاسْتَأْنَفَ الْقِسْمَةَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَقَامَ عِنْدَ الثَّيِّبِ حَقٌّ لَا يَقْضِي بِهِ سَائِرَ الزَّوْجَاتِ مَقَامًا وَلَا لَهُنَّ فِيهِ اعْتِرَاضٌ لِتَعْلِيقِهِ ذَلِكَ بِمَشِيئَةِ أُمِّ سَلَمَةَ دُونَ مَشِيئَتِهِنَّ . وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ . قَالَ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا كَانَ حَقًّا لَهُ جَازَ لَهُ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ وَإِذَا كَانَ حَقًّا لِلزَّوْجَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرْكُهُ إلَّا بِإِذْنِهَا . فَوَجْهُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حَقٌّ لِلزَّوْجِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ { لَيْسَ بِك عَلَى أَهْلِك هَوَانٌ إنْ شِئْتَ سَبَّعْتَ عِنْدَكَ وَإِنْ شِئْتَ ثَلَّثْتُ وَدُرْتُ } فَأَخْبَرَ بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَامِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِهَا لِأَنَّ الْإِكْرَامَ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي إيتَاءِ الْحُقُوقِ وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي إعْطَاءِ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ لِلْمَكْرُومِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِهَا لَقَالَ لَيْسَ بِنَا مُنِعَ حَقُّك وَوَجْهُ قَوْلِنَا بِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجَةِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ . وَقَدْ أَسْنَدَهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْغَرَضَ تَأْنِيسُ الْمَرْأَةِ وَبَسْطُهَا وَإِذْهَابُ مَا يَلْحَقُهَا مِنْ الِانْقِبَاضِ وَالْخَجَلِ وَهَذَا مِنْ حُقُوقِهَا وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ إنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا جَمِيعًا وَهُوَ قَوْلٌ صَحِيحٌ عِنْدِي . ( فَرْعٌ ) فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ حَقٌّ لِلزَّوْجَةِ فَهَلْ يَقْضِي بِهِ عَلَى الزَّوْجِ أَمْ لَا ؟ قَالَ أَصْبَغُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ هُوَ حَقٌّ عَلَيْهِ وَلَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ كَالْمُتْعَةِ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ . فَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلزَّوْجَةِ سَبَبُهُ الْمُكَارَمَةُ فَلَمْ يُقْضَ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ كَالْإِمْتَاعِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ حَقٌّ لِلزَّوْجَةِ مِنْ الْمَقَامِ عِنْدَهَا فَوَجَبَ أَنْ يُقْضَى بِهِ عَلَى الزَّوْجِ كَالْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ . ( فَرْعٌ ) وَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِلزَّوْجَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَيْرُهَا رَوَى أَبُو الْفَرْجِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِسَاءٌ غَيْرَهَا . وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَلْزَمُهُ الْمَقَامُ عِنْدَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ طَرِيقَ ذَلِكَ التَّأْنِيسُ وَحَاجَتُهَا إلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا كَحَاجَتِهَا إذَا كَانَ لَهُ غَيْرُهَا وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا مَقَامٌ عِنْدَ الزَّوْجَةِ فَلَا يَلْزَمُ مَنْ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا كَالْقَسَمِ . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ { إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ } يُرِيدُ التَّخْيِيرَ لَهَا فِي ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ إنْ اخْتَارَتْ التَّسْبِيعَ قَضَى سَائِرَ نِسَائِهِ سَبْعًا سَبْعًا . وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُخَيِّرُهَا فِي ذَلِكَ وَقَدْ مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا . وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ التَّعَلُّقُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي التَّعَلُّقُ بِمَا يَثْبُتُ مِنْ الْفِعْلِ فَصَارَ ذَلِكَ حُكْمًا عَلَى جَمِيعِ الزَّوْجَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( ص ) : ( مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا ) . ( ش ) : قَوْلُهُ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَلَوْ كَانَ حَقًّا لِلزَّوْجِ لَقَالَ لِلزَّوْجِ فِي الْبِكْرِ سَبْعٌ وَفِي الثَّيِّبِ ثَلَاثٌ وَبِهَذَا قَالَ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَسٌ وَمِنْ التَّابِعِينَ فَمِنْ بَعْدِهِمْ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لِلْبِكْرِ ثَلَاثٌ ثُمَّ يَقْسِمُ وَلِلثَّيِّبِ يَوْمَانِ ثُمَّ يَقْسِمُ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا تُفَضَّلُ الْجَدِيدَةُ عَلَى الْقَدِيمَةِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَخَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ { مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْبِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَسَمَ } قَالَ أَبُو قِلَابَةَ وَلَوْ شِئْت لَقُلْت إنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الطَّارِئَةَ يَلْحَقُهَا مِنْ الِاسْتِيحَاشِ وَالِانْقِبَاضِ مَا يَحْتَاجُ بِهِ إلَى التَّأْنِيسِ وَذَاكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِطُولِ الْمَقَامِ عِنْدَهَا وَلَمَّا كَانَتْ الْبِكْرُ أَكْثَرَ حَيَاءً وَانْقِبَاضًا احْتَاجَتْ مِنْ التَّأْنِيسِ أَكْثَرَ مِمَّا تَحْتَاجُهُ الثَّيِّبُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ عَلَى أَصْلِ مَنْ جَعَلَهُ حَقًّا لِلزَّوْجَةِ وَأَمَّا عَلَى أَصْلِ مَنْ جَعَلَهُ حَقًّا لِلزَّوْجِ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ لَمَّا كَانَ الْتِذَاذُ الزَّوْجِ بِالطَّارِئَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْتِذَاذِهِ بِالْقَدِيمَةِ جُعِلَ لَهُ مِنْ الْمَقَامِ عِنْدَهَا مَا يَصِلُ بِهِ إلَى ذَلِكَ . ( فَرْعٌ ) وَالْحُرَّةُ كَالْأَمَةِ فِي ذَلِكَ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا زَوْجَةٌ تَحْتَاجُ إلَى التَّأْنِيسِ كَالْحُرَّةِ .

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article