Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
albasseira.overblog.com

un blog qui traite des sujets sur l'islam

شرح كتاب النكاح الجزء الثاني

شرح كتاب النكاح
الجزء الثاني

( ش ) : قَوْلُهُ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي تَشْتَرِطُ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ لَا يَخْرُجَ بِهَا مِنْ بَلَدِهَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا إنْ شَاءَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْحُكْمِ وَأَمَّا عَلَى الْوَفَاءِ لَهَا مَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنْ لَا يَمْنَعَهَا الْخُرُوجَ إلَى الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ لَهَا بِذَلِكَ وَلَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ . وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَدْ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَفِيَ لَهَا بِمَا شَرَطَ وَأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لِلزَّوْجِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ . وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يُوجِبُ عَلَيْهِ مَا الْتَزَمَ مِنْ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَلَّقَةً بِيَمِينٍ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَضَى بِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم { : أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوَفُّوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ } وَتَعْلِيقُ ذَلِكَ بِالْوَفَاءِ لَهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ وَأَنَّ ذَلِكَ مَصْرُوفٌ إلَيْهِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَهَذِهِ الشُّرُوطُ فِي الْجُمْلَةِ مَكْرُوهَةٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَكْرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ الشُّرُوطَ فِي النِّكَاحِ وَإِيقَاعَ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهَا وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْعُتْبِيِّ إنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ يَنْكِحَ عَلَى مِثْلِ هَذَا أَحَدٌ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ بَلَدِهَا وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ دَاخِلٍ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ قَالَ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا إذًا مِلْكًا تَامًّا , وَلَا يُسْتَبَاحُ الْبُضْعُ إلَّا بِمِلْكٍ تَامٍّ وَيُكْرَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي تَمَلُّكِهِ هَذِهِ الشُّرُوطَ الَّتِي تَمْنَعُ تَمَامَ مِلْكِهِ كَمَا لَوْ شُرِطَتْ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ قَالَ مَالِكٌ وَلَقَدْ أَشَرْت مُنْذُ زَمَانٍ أَنْ أَنْهَى النَّاسَ أَنْ يَتَزَوَّجُوا بِالشُّرُوطِ وَأَنْ لَا يَتَزَوَّجُوا إلَّا عَلَى دِينِ الرَّجُلِ وَأَمَانَتِهِ وَأَنَّهُ كَتَبَ بِذَلِكَ كِتَابًا وَصِيحَ بِهِ فِي الْأَسْوَاقِ وَتَعَلَّقَ فِي ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ { قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا بَالُ النَّاسِ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ } إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ عَلَى ضَرْبَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُؤَثِّرَةٍ فِي النِّكَاحِ وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُؤَثِّرَةً فِيهِ فَأَمَّا الَّتِي لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ فَهِيَ الَّتِي لَا تُؤَثِّرُ فِي جَهَالَةِ الْمَهْرِ وَلَا تُغَيِّرُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ مِثْلُ أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَّخِذَ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الشَّرْطِ فَهَذِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَبْلُغُ مِنْ كَرَاهِيَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَهَا أَنْ تَكُونَ حَرَامًا أَوْ يُفْسَخَ بِهَا النِّكَاحُ . ( فَرْعٌ ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَشْتَرِطَ هَذَا الشَّرْطَ وَلَا يُسْقِطَ لَهَا شَيْئًا بِهِ أَوْ يَشْتَرِطُهُ وَيُسْقِطُ لَهَا بِهِ حَقًّا فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْوَفَاءِ بِهِ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِنْ أَسْقَطَتْ بِسَبَبِهِ حَقًّا مِنْ مَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ تُسْقِطَهُ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ إسْقَاطُهَا حِينَ الْعَقْدِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فَسَادًا فِي الْعَقْدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْمَهْرِ فَلَمْ تُوجِبْ فِيهِ فَسَادًا , أَصْلُ ذَلِكَ إذَا شَرَطَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ . ( فَرْعٌ ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُخْرِجُهَا وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَسْقَطَتْهُ إيَّاهُ وَرَوَى أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَ بَقِيَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ مِثْلُ مَهْرِ مِثْلِهَا لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِثْلِهَا فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ تُرَدُّ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِثْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا وَضَعَتْ فَتَأْخُذُهُ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ بِمَا وَضَعَتْ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ مَا أَسْقَطَتْهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا قَطُّ زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا يَذْكُرُ فِي النِّكَاحِ لِلسُّمْعَةِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ ذَكَرَهُ فِي الصَّدَاقِ وَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ أَنْ يُثْبِتَهُ لَهَا فِي ذِمَّتِهِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ عِوَضٌ أَسْقَطَتْهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَمْ يَصِحَّ لَهَا فَوَجَبَ أَنْ تَرْجِعَ بِمَا بَذَلَتْهُ مِنْ الْعِوَضِ أَصْلُ ذَلِكَ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ .
( ش ) : رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَجَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ الزَّبِيرُ بِفَتْحِ الزَّايِ فِيهِمَا وَقَالَ ابْنُ بُكَيْر الْأَوَّلُ بِالضَّمِّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَعَبْدُ الْغَنِيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْحُفَّاظِ هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَاطِيَا الْيَهُودِيُّ الْقُرَظِيّ قُتِلَ الزَّبِيرُ يَوْمَ قُرَيْظَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ , وَاَلَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَتِي مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِضَمِّ الزَّايِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( فَصْلٌ ) : قَوْلُهُ { إنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا } يَحْتَمِلُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَنْ يُوقِعَهَا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُوقِعَهَا فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ يُطَلِّقُ ثُمَّ يَرْتَجِعُ ثُمَّ يُطَلِّقُ غَيْرَ أَنَّ إيقَاعَهَا عِنْدَ مَالِكٍ فِي مَرَّةٍ غَيْرُ جَائِزٍ وَسَيَرِدُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ { فَنَكَحَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَاعْتَرَضَ عَنْهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَفَارَقَهَا } يُرِيدُ أَنَّهُ لَمَّا اعْتَرَضَ عَنْهَا وَمُنِعَ وَطْأَهَا فَارَقَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَارَقَهَا حِينَ لَمْ تُرِدْ الْبَقَاءَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ أَضَافَ الْفِرَاقَ إلَيْهِ لَمَّا كَانَ هُوَ الْفَاعِلُ لَهُ وَلَعَلَّهُ لَمَّا عَلِمَ بِكَرَاهِيَتِهَا لِذَلِكَ بَادَرَ بِفِرَاقِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَأَجَّلَ فِي ذَلِكَ أَجَلًا أَوْ يُعَالِجَ مُدَاوَاةً أَوْ مُعَانَاةً . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ { فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا } يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اعْتَقَدَ أَنَّ الثَّلَاثَ لَمْ تُحَرِّمْهَا وَلَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ بَعْدُ قوله تعالى { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } وَلَعَلَّهُ عَلِمَ أَنَّ الثَّلَاثَ تُحَرِّمُهَا وَظَنَّ أَنَّ عَقْدَ الزَّوْجِ عَلَيْهَا يَحِلُّهَا لَهُ فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَاهُ عَنْ نِكَاحِهَا وَأَعْلَمَهُ أَنَّ الْمَانِعَ لَهُ مِنْ نِكَاحِهَا بَاقٍ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ { لَا حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ } فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُحَلِّلَ إنَّمَا هُوَ الْوَطْءُ وَانْفَرَدَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بِقَوْلِهِ إنَّ عَقْدَ الثَّانِي يَحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطْءً وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ لِأَنَّهُ نَصَّ فِي مُخَالَفَةِ قَوْلِهِ . وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ الْعُسَيْلَةُ فِيمَا نَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اللَّذَّةُ وَمُجَاوَزَةُ الْخِتَانِ الْخِتَانَ وَرَوَى نَحْوَهُ ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ زَادَ ابْنُ مُزَيْنٍ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ وَانْفَرَدَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ بِقَوْلِهِ لَا يُحِلُّهَا إلَّا الْوَطْءُ وَفِيهِ إنْزَالٌ . ( ص ) : ( مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا هَلْ يَصِحُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَا حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَمَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا هَلْ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا ) . ( ش ) : قَوْلُ عَائِشَةَ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا يَتَزَوَّجُهَا زَوْجٌ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا قَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ مُسْنَدًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ .
( ش ) : قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم { لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا } يَقْتَضِي الْعُمُومَ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ غَيْرَ أَنَّ التَّحْرِيمَ إذَا عُلِّقَ عَلَى النِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ الْوَطْءُ كَمَا أَنَّهُ إذَا عُلِّقَ عَلَى الطَّعَامِ فُهِمَ مِنْهُ اللِّبَاسُ فَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ عَلَى كُلِّ مَعْنًى مَقْصُودُهُ الْوَطْءُ فَأَمَّا الْوَطْءُ فَإِنَّهُ يُمْلَكُ بِيَمِينٍ وَأَمَّا الْعَقْدُ الَّذِي مَقْصُودُهُ الْوَطْءُ فَإِنَّهُ النِّكَاحُ وَيُخَالِفُ فِي ذَلِكَ مِلْكَ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَمْلِكَ مَنْ لَا يَطَأُ كَالْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَالْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ مِنْ النَّسَبِ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ نِكَاحٍ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا لِلرَّجُلِ مِنْ النِّسَاءِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : فَأَمَّا مَا لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ قوله تعالى { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } وَالْعَمَّةُ مَعَ ابْنَةِ أَخِيهَا وَالْخَالَةُ مَعَ بِنْتِ أُخْتِهَا بِمَثَابَةِ الْأُخْتَيْنِ فِي ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْأُخْتَيْنِ وَالْعَمَّةَ وَالْخَالَةَ مَعَ ابْنَةِ الْأَخِ وَابْنَةِ الْأُخْتِ مِمَّنْ يَلْزَمُ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ الْمُوَاصَلَةَ لِلرَّحِمِ الْقَرِيبَةِ الْوَشِيجَةِ وَغِيرَةُ الضَّرَائِرِ تُورِثُ الْقَطِيعَةَ وَتَمْنَعُ الْمُوَاصَلَةَ فَمُنِعَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِذَلِكَ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِمَا نَهَيْنَا عَنْهُ مِنْ الْقَطِيعَةِ وَمَانِعٌ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمَا مِنْ الْمُوَاصَلَةِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِالنِّكَاحِ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَالثَّانِي أَنْ يَنْكِحَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ لَهُمَا جَمِيعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بَنَى بِهِمَا أَوْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يَبْنِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ مَنَعَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَإِذَا انْعَقَدَ نِكَاحُهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ بِهِ فُسِخَ نِكَاحُهُ لَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْعَقْدِ .

( ش ) : قَوْلُهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا يُرِيدُ أَنَّهُ عَقَدَ نِكَاحَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا فَسَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ هَلْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْأُمُّ مُبْهَمَةٌ يُرِيدُ أَنَّ ذِكْرَهَا فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِصِفَةٍ لِأَنَّهُ قَالَ { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } فَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْبِنَاءِ وَلَا غَيْرِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لَيْسَ فِيهَا شَرْطٌ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَعْنَى الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي تَحْرِيمِ الْأُمِّ دُخُولًا وَلَا غَيْرَهُ وَقَوْلُهُ رضي الله عنه وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ يُرِيدُ أَنَّ التَّقْيِيدَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الرَّبَائِبِ فِي قوله تعالى { وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } فَقَيَّدَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ فَبَقِيَتْ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا دَاخِلَةً تَحْتَ عُمُومِ قوله تعالى { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ هُوَ قَوْلُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَابْنِ عُمَرَ وَطَاوُسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ . وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُمَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْبِنْتِ وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَمُجَاهِدٌ . وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ وَقَدْ أَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ الْقَاضِي قَالَ وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْهُ قَالَ وَقَدْ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يُضَعِّفُ فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدٍ وَقَالَ أَحْسَبُ أَنَّ بَيْنَهُمَا رَجُلًا لِأَنَّهُ يُخَالِفُ أَصْحَابَ سَعِيدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ قوله تعالى { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } وَلَمْ يَخُصَّ مَدْخُولًا بِابْنَتِهَا مِنْ غَيْرِهَا فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى عُمُومِهِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ فَإِنْ قِيلَ فَإِنَّهُ قَدْ شَرَطَ فِي الرَّبَائِبِ بَعْدَ هَذَا الدُّخُولِ فَقَالَ { وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } وَالشَّرْطُ إذَا وَرَدَتْ عَقِبَهُ جُمَلٌ وَجَبَ تَعَلُّقُهُ بِجَمِيعِهَا كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ رَاجِعًا إلَى جَمِيعِ الْمَعْطُوفِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْتَظِمْ عَلَيْهِ الْكَلَامُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى مَا يَصِحُّ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مُتَعَلِّقًا بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اللَّفْظِ وَلَا بِالْمَوْضِعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَأَمَّا امْتِنَاعُهُ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَإِنَّ النِّسَاءَ فِي قَوْلِهِ { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } مَخْفُوضٌ بِالْإِضَافَةِ وَالنِّسَاءُ فِي قَوْلِهِ { وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ } مَخْفُوضٌ بِحَرْفِ الْجَرِّ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ { اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } نَعْتًا لَهُمَا لِاخْتِلَافِ الْعَامِلِ فِيهِمَا هَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ النُّحَاةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْخَفْضِ وَمَا قَالَهُ الْبَصْرِيُّونَ أَوْلَى لِأَنَّ الصِّفَةَ تَتْبَعُ الْمَوْصُوفَ فِي الْمَعْنَى وَاللَّفْظِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِي الْمَوْصُوفِ عَامِلًا فِي الصِّفَةِ وَلِذَلِكَ إذَا قُلْت هَذَا غُلَامُ زَيْدٍ الْعَاقِلُ وَإِنْ كَانَ خَفْضُ زَيْدٍ بِالْإِضَافَةِ فَخَفْضُ الْعَاقِلِ بِذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ هَذَا غُلَامُ الْعَاقِلِ وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ كَوْنُهُ وَصْفًا لَهُ وَإِذَا قُلْت خُذْ مِنْ عَمْرِو الْكَرِيمِ دِرْهَمًا فَإِنَّ الْكَرِيمَ أَيْضًا وَصْفٌ لِعَمْرٍو لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَحِلَّ مَحَلَّهُ فَتَقُولُ خُذْ مِنْ الْكَرِيمِ دِرْهَمًا فَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَقُولَ هَذَا غُلَامُ زَيْدٍ وَخُذْ مِنْ عَمْرٍو دِرْهَمًا الْكَرِيمَيْنِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحِلَّ مَحَلَّ زَيْدٍ الْمُضَافِ وَالْعَامِلُ فِيهِ مِنْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحِلَّ مَحَلَّ عُمَرَ وَالْمَخْفُوضِ بِمِنْ وَالْعَامِلُ فِيهِ الْإِضَافَةُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى ضَرْبَيْنِ : أَحَدُهُمَا : يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَلَا تَحْرُمُ الْمُعَاقَبَةُ بَيْنَهُمَا وَهُنَّ ذَوَاتُ الْمَحَارِمِ اللَّاتِي لَيْسَ لِبَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ وِلَادَةٌ وَالضَّرْبُ الثَّانِي يَحْرُمُ الْجَمْعُ وَالْمُعَاقَبَةُ بَيْنَهُمَا وَهُنَّ ذَوَاتُ الْمَحَارِمِ اللَّاتِي لِبَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ وِلَادَةٌ كَالْأُمِّ مَعَ بِنْتِهَا وَالْجَدَّةِ مَعَ جَدَّتِهَا فَهَؤُلَاءِ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ وَطْءَ إحْدَاهُنَّ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةِ النِّكَاحِ يُحَرِّمُ الْأُخْرَى عَلَى التَّأْبِيدِ وَهَلْ يُحَرِّمُهَا الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِهِ ؟ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُنَّ وَسَنُبَيِّنُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ . ( ص ) : ( مَالِكٌ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ اسْتَفْتَى وَهُوَ بِالْكُوفَةِ عَنْ نِكَاحِ الْأُمِّ بَعْدَ الْبِنْتِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْبِنْتُ مُسَّتْ فَأَرْخَصَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ فَرَجَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ إلَى الْكُوفَةِ فَلَمْ يَصِلْ إلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى أَتَى الرَّجُلَ الَّذِي أَفْتَاهُ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ ) . ( ش ) : قَوْلُهُ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ اسْتَفْتَى وَهُوَ بِالْكُوفَةِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَرْسَلَهُ إلَى الْكُوفَةِ لِيُعَلِّمَهُمْ الْعِلْمَ وَيُفْتِي بَيْنَهُمْ فَاسْتُفْتِيَ هُنَاكَ عَنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فِي نِكَاحِ الْأُمِّ بَعْدَ الِابْنَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ الِابْنَةُ مُسَّتْ فَأَرْخَصَ فِي ذَلِكَ . وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إسْحَاقَ وَأَنَا أَحْسَبُ أَنَّ الَّذِينَ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ أُمَّهَاتِ الزَّوْجَاتِ مِثْلُ الرَّبَائِبِ إنَّمَا ذَهَبُوا إلَى قِيَاسِ بَعْضِ ذَلِكَ عَلَى بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ النَّصُّ يُوجِبُهُ يُرِيدُ أَنَّ النَّصَّ لَا يَحْتَمِلُ هَذَا التَّأْوِيلَ وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَفْتَى فِي ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الرَّبَائِبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ وَجْهِ الْقِيَاسِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ مَعَ اعْتِقَادِهِ صِحَّةَ مَا أَفْتَى بِهِ لِيَعْلَمَ مُوَافَقَةَ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ أَوْ مُخَالَفَتَهُمْ إيَّاهُ فَقَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ فِيمَا يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ مِنْ مَسَائِلِ الْفُرُوعِ لِيَعْلَمَ مَا عِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ ظَهَرَ إلَيْهِ وَجْهُ الْمَسْأَلَةِ فَشَكَّ فِي فَتْوَاهُ عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إلَى الْمَدِينَةِ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ غَيْرَهُ لِيُظْهِرَ لَهُ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لِكَثْرَةِ الْعُلَمَاءِ بِهَا يَرْجِعُ إلَيْهِمْ أَهْلُ الْآفَاقِ فِي الْفَتَاوَى لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَكَادُ يَخْفَى عَنْ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ مَعَ الْبَحْثِ وَالنَّظَرِ لِأَنَّ مَا قَصَرَ عَنْهُ أَحَدُهُمْ اسْتَدْرَكَهُ سَائِرُهُمْ وَأَمَّا الْوَاحِدُ فَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ بُلُوغُ الْمُرَادِ مِنْ النَّظَرِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ فِي حُكْمِهِ لِلْأُمِّ بَعْدَ الْعَقْدِ بِمِثْلِ حُكْمِهِ لِلْبِنْتِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ مِنْ اعْتِبَارِ الدُّخُولِ بِالْأُولَى وَذَلِكَ أَنَّ شَرْطَ اعْتِبَارِ الدُّخُولِ إنَّمَا يَخْتَصُّ بِالرَّبَائِبِ دُونَ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ فَرَجَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ إلَى الْكُوفَةِ فَلَمْ يَصِلْ إلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى أَتَى الرَّجُلَ الَّذِي أَفْتَاهُ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ يُرِيدُ تَعْجِيلَ أَمْرِهِ لَهُ بِالْفِرَاقِ وَإِخْبَارَهُ بِمَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَنْزِلِهِ وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَدْ ظَهَرَ إلَيْهِ وَجْهُ الصَّوَابِ فِي خِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ فَتَعَجَّلَ اسْتِدْرَاكَ الْأَمْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ , وَالْمُبَادَرَةُ إلَى مَنْعِهِ اسْتِدَامَةُ نِكَاحٍ مِنْ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ , وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بَاقِيًا عَلَى مَذْهَبِهِ غَيْرَ أَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَجْرِي عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فَلَزِمَهُ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَالْأَخْذُ بِهِ وَحَمْلُ النَّاسِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِيهِ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ إلَى إمَامِ ذَلِكَ الْعَصْرِ إذَا ظَهَرَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَوَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ . ( ص ) : ( قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ تَكُونُ تَحْتَهُ الْمَرْأَةُ ثُمَّ يَنْكِحُ أُمَّهَا فَيُصِيبُهَا إنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَيُفَارِقُهُمَا جَمِيعًا وَيَحْرُمَانِ عَلَيْهِ أَبَدًا إذَا كَانَ قَدْ أَصَابَ الْأُمَّ فَإِنْ لَمْ يُصِبْ الْأُمَّ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَفَارَقَ الْأُمَّ ) . ( ش ) : وَهَذَا كَمَا قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ نِكَاحَ الْمَرْأَةِ عَلَى ابْنَتِهَا حَرَامٌ فَإِذَا وَطِئَهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْأَمَةُ لِوَطْئِهِ أُمَّهَا وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ لِعَقْدِهِ نِكَاحَ ابْنَتِهَا قَبْلَهَا فَحُرِّمَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَ الْأُمَّ فَارَقَهَا لِأَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ نِكَاحِ ابْنَتِهَا وَبَقِيَ عَلَى نِكَاحِ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ وَطْءِ الْأُمِّ وَالِالْتِذَاذِ بِهَا مَا يُحَرِّمُهَا , وَنِكَاحُهَا يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهِمَا عَقْدًا وَاحِدًا وَالثَّانِي أَنْ يَنْكِحَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى فَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَقَدْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقًا فَلَا يَخْلُو أَنْ لَا يَدْخُلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ أَنْ يَدْخُلَ بِإِحْدَاهُمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَلَا يُقَرُّ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا يَصِحُّ إمْضَاؤُهُ عَلَى وَجْهِهِ لِفَسَادِهِ فَوَجَبَ إبْطَالُ جَمِيعِهِ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا ابْتَاعَ ثَوْبًا وَخِنْزِيرًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ . ( فَرْعٌ ) وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُمَّ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَهُ ذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ . وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَلَا عَقْدُ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ أَحَدُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَطْءُ الشُّبْهَةِ أَوْ الْعَقْدُ الصَّحِيحُ فَأَمَّا الْعَقْدُ الْفَاسِدُ بِمُجَرَّدِهِ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي اسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي الْحُرْمَةِ أَمْرَانِ الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ ثُمَّ ثَبَتَ وَتَقَرَّرَ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ فَكَذَلِكَ عَقْدُ الشُّبْهَةِ .
( ش ) : قَوْلُهُ رحمه الله فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِيهَا أَنَّهُ يَنْكِحُ ابْنَتَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ وَطْءَ الزِّنَا لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ وَإِنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَتَهَا سَوَاءٌ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي أُمِّهَا أَوْ لَمْ يَقُمْ وَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ ابْنَتُهَا مَخْلُوقَةً مِنْ غَيْرِ مَائِهِ أَوْ مَخْلُوقَةً مِنْ مَائِهِ فَإِنْ كَانَتْ مَخْلُوقَةً مِنْ غَيْرِ مَائِهِ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ ابْنَةً مِنْ غَيْرِهِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ سِفَاحٍ فَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهَا أَنَّهَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا . وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ أَنَّ مَنْ زَنَى بِالْأُمِّ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ ابْنَتُهَا وَتَقَدُّمُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ . ( فَرْعٌ ) فَإِنْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فَتَزَوَّجَ الْبِنْتَ بَعْدَ الزِّنَى بِالْأُمِّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ تُفَارِقُهُ وَلَمْ يَقُلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ . وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ جَازَ وَلَمْ أَحْكُمْ عَلَيْهِ بِالْفِرَاقِ وَقَدْ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَهُ .
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ الشِّغَارُ هُوَ النِّكَاحُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ نِكَاحِ الشِّغَارِ وَفَسَادُهُ فَيَجِبُ إنْ وَقَعَ أَنْ يُفْسَخَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إنَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الشِّغَارِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي مَعْنَى الشَّغَارِ لِأَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ هُوَ قَوْلُهُ نَهَى عَنْ الشَّغَارِ وَبَاقِي الْحَدِيثِ يَجْعَلُونَهُ مِنْ تَفْسِيرِ نَافِعٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ لَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي فَسْخِهِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . وَبِقَوْلِ مَالِكٍ فِيهِ قَالَ عَطَاءُ وَالشَّافِعِيُّ وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الشَّغَارُ جَائِزٌ وَفِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ الشِّغَارِ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مَلَّك بُضْعَ ابْنَتِهِ شَخْصَيْنِ النَّاكِحَ وَابْنَتَهُ وَذَلِكَ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ كَمَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلَيْنِ . ( فَرْعٌ ) إذَا قُلْنَا إنَّهُ يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ . وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا يُفْسَخُ بَعْدَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رضي الله عنه وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ مَهْرٍ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو إسْحَاقَ وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ غَيْرُ هَذَا مِمَّا نُبَيِّنُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْجَنْبَتَيْنِ ذِكْرُ مَهْرٍ فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا ذِكْرُ مَهْرٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أُزَوِّجُك ابْنَتِي بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك بِمِائَةٍ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ الرَّجُلَ ابْنَتَهُ وَيَنْكِحُهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ وَيَضَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الصَّدَاقِ لِصَاحِبِهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَوْ وَضَعَا الصَّدَاقَ كُلَّهُ كَانَ شَغَارًا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ بُضْعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبِنْتَيْنِ مِلْكًا لِلزَّوْجِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا وَالْبِنْتَ الْأُخْرَى مِلْكُ الزَّوْجِ بِالنِّكَاحِ وَمَلَكَتْهُ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ بَعْضُ مَهْرِهَا وَذَلِكَ يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ قَدْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبُضْعَيْنِ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا فَخَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ عِوَضًا مِنْهُ فَصَحَّ الْعَقْدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ الْمَنْعِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِيقَةِ الشَّغَارِ إذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَنَّ فِي الْعَقْدِ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَشَرْطًا يَكُونُ مَعَهُ مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا فَدَخَلَ الْفَسَادُ بِذَلِكَ فِي الْمَهْرِ وَحُكْمُ ذَلِكَ أَنْ يُفْسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتَ بَعْدَهُ وَأَمَّا إذَا عَرَا عَنْ الْمَهْرِ فَالْفَسَادُ فِي الْعَقْدِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : فَإِنْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا مَهْرًا وَلَمْ يُسَمِّ لِلْأُخْرَى مَهْرًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أُزَوِّجُك ابْنَتِي بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك دُونَ مَهْرٍ فُسِخَ الْعَقْدَانِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ عَقْدُ الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا مَهْرٌ وَيَثْبُتُ عَقْدُ الْأُخْرَى وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الَّتِي سُمِّيَ لَهَا مَهْرٌ وَاَلَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا مَهْرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْفَسَادُ دَخَلَ فِي النِّكَاحِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَلِفَسَادِ الْمَهْرِ فَأَمَّا فَسَادُ الْعَقْدِ فَمِثْلُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَنِكَاحِ الشِّغَارِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَإِذَا تَعَلَّقَ الْفَسَادُ بِالنِّكَاحِ لِعَقْدِهِ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَوَجَبَ فِيهِ بِالدُّخُولِ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي يَنْعَقِدُ عَلَى الْخِيَارِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَالثَّانِيَةُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَالْفَسَادُ فِي هَذَا النِّكَاحِ مِنْ جِهَةِ الْعَقْدِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى رَاوِيَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ , ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْحَدِيثِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ حَتَّى يَرِدَ مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَالشِّغَارُ فِي الْأُخْتَيْنِ كَالشَّغَارِ فِي الِابْنَتَيْنِ وَالْأَمَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ . وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالِابْنَتَيْنِ الْبِكْرَيْنِ وَهُمَا مَنْ لَا يُعْتَبَرُ بِرِضَاهُ فِي النِّكَاحِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَأَمَّا مَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ فَلَا يَدْخُلُهُ الشِّغَارُ وَإِنَّمَا هِيَ كَاَلَّتِي تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إثْبَاتُ حُكْمِ الشِّغَارِ فِي الْمَوْلَاتَيْنِ وَالْمَوْلَاتَانِ لَا يُجْبَرَانِ عَلَى النِّكَاحِ وَلَوْ سَلِمَ لَهُ مَا قَالَهُ لَلَزِمَهُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ نِكَاحِ الشَّغَارِ وَبَيْنَ النِّكَاحِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي فَسْخِ نِكَاحِ الشَّغَار بَعْدَ الْبِنَاءِ مَوْجُودٌ كَمَا هُوَ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( ش ) : قَوْلُهُ أُتِيَ بِنِكَاحٍ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يُرِيدُ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهِ سِوَاهُمَا وَفِي هَذَا بَابَانِ أَحَدُهُمَا مُقَارَنَةُ الشَّهَادَةِ لِعَقْدِ النِّكَاحِ وَالثَّانِي ذِكْرُ مَنْ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ عَقْدُ النِّكَاحِ . ( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مُقَارَنَةِ الشَّهَادَةِ لِعَقْدِ النِّكَاحِ ) أَمَّا مُقَارَنَةُ الشَّهَادَةِ لِعَقْدِ النِّكَاحِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ الْأَفْضَلُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي عَدِّ ذَلِكَ عِنْدَنَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَيَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ يَنْعَقِدَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ ثُمَّ يَقَعُ الْإِشْهَادُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَمِنْ الْمُحَدِّثِينَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي وَزَيْدُ بْنُ هَارُونَ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ أَوْ أَعْمَيَيْنِ أَوْ مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ وَيَجُوزُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ النِّكَاحِ مُقَارَنَةُ الشَّهَادَةِ لِعَقْدِهِ فَإِنْ عَرَا عَنْ الشَّهَادَةِ حِينَ الْعَقْدِ وَجَبَ فَسْخُهُ لِفَسَادِهِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ شَاهِدَا عَدْلٍ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ . وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ عَلَى مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ { أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا بَنَيْنَا عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ وَدَعَوْت الْمُسْلِمِينَ إلَى وَلِيمَةٍ فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ أَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ فَأُلْقَى فِيهَا مِنْ التَّمْرِ وَالْأَقِطِ السَّمْنِ فَكَانَتْ وَلِيمَتُهُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : إحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ , فَقَالُوا إنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ وَسَدَلَ الْحِجَابَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ النَّاسِ } . فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا إنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَوْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى نِكَاحِهَا لَعَلِمُوا ذَلِكَ بِالْإِشْهَادِ , وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا عَقْدٌ لِاسْتِبَاحَةِ الْبُضْعِ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى الشَّهَادَةِ كَالرَّجْعَةِ وَشِرَاءِ الْأَمَةِ وَدَلِيلٌ ثَانٍ فَإِنَّ هَذَا عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَلَمْ تَكُنْ مُفَارِقَةُ الشَّهَادَةِ شَرْطًا فِي صِحَّته كَالْإِجَارَةِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَإِذَا عَقَدَ النِّكَاحَ وَلَمْ يَحْضُرْهُ شُهُودٌ ثُمَّ أَقَرَّ وَأَشْهَدَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ وَإِنْ بَنَى وَلَمْ يُشْهِدَا فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَعَرِّي عَقْدِ النِّكَاحِ مِنْ الشَّهَادَةِ لَا ذَرِيعَةَ فِيهِ إلَى الْفَسَادِ , وَتَعَرِّي الْوَطْءِ وَالْبِنَاءِ مِنْ الشَّهَادَةِ فِيهِ الذَّرِيعَةُ إلَى الْفَسَادِ , فَمُنِعَ مِنْهُ لِذَلِكَ , وَلَوْ جَازَ لِكُلِّ مَنْ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ فِي خَلْوَةٍ أَوْ أَقَرَّ بِجِمَاعِهَا أَنْ يَدَّعِيَ النِّكَاحَ لَارْتَفَعَ حَدُّ الزِّنَا عَنْ كُلِّ زَانٍ وَالتَّعْزِيرُ فِي الْخَلْوَةِ فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ لِيَرْتَفِعَ هَذَا الْمَعْنَى فَمَتَى وَقَعَ الْبِنَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ فُسِخَ مَا اُدُّعِيَ مِنْ النِّكَاحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ دَخَلَ وَلَمْ يُشْهِدْ إلَّا شَاهِدًا وَاحِدًا فَسِخَ النِّكَاحُ وَيَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ أَنْ تَسْتَبْرِئَ بِثَلَاثِ حَيْضَاتٍ إنْ أَحَبَّ . ( فَرْعٌ ) وَهَلْ عَلَيْهِمَا حَدٌّ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسِيسِ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَمْرُهُمَا دَرْءَ الْحَدِّ عَنْهُمَا عَالِمَيْنِ كَانَا أَوْ جَاهِلَيْنِ وَالشَّاهِدُ الْوَاحِدُ عَلَى نِكَاحِهِمَا أَوْ مَعْرِفَةِ بِنَائِهِمَا بِاسْمِ النِّكَاحِ وَذِكْرُهُ وَإِظْهَارُهُ كَالْأَمْرِ الْفَاشِي مِنْ نِكَاحِهِمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ . وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ إنْ كَانَا مِمَّنْ لَا يُعْذَرَانِ بِجَهَالَةٍ حُدَّا وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُمَا فَاشِيًا وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْإِفْشَاءَ فِي النِّكَاحِ وَالْإِعْلَانَ بِهِ أَبْلُغُ فِي إظْهَارِهِ مِنْ الْإِشْهَادِ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ الْإِشْهَادُ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْكِتْمَانُ لَفَسَدَ الْعَقْدُ وَبِالْإِعْلَانِ يُفَارِقُ صِفَةَ الزِّنَا وَيَمْتَنِعُ فَسَادُهُ فَإِذَا وُجِدَ الْإِعْلَانُ بِهِ انْتَفَى الْحَدُّ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْإِفْشَاءَ وَالْإِظْهَارَ إذَا قَصَرَ عَنْ الثُّبُوتِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْكِتْمَانِ وَالِاسْتِسْرَارِ الَّذِي يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْلِمُ الْإِمَامَ الَّذِي يَرْفَعُ إلَيْهِ ذَلِكَ فَشَقَّ هَذَا الْأَمْرُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عِنْدَهُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article