19 Février 2017
باب في أحكام النكاح
كتاب النكاح
قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان
https://www.facebook.com/groups/elbassaire
https://twitter.com/hadithecharif
* هذا الموضوع له أهمية بالغة , جعلت الفقهاء يجعلون له في مصنفاتهم مكانا رحبا , يفصلون فيه أحكامه , ويوضحون فيه مقاصده وآثاره ; لأنه مشروع في الكتاب والسنة والإجماع : قال الله تعالى : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ولما ذكر النساء التي يحرم التزوج منهن قال تعالى : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ والنبي صلى الله عليه وسلم حث على الزواج ورغب فيه , فقال : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة ; فليتزوج ; فإنه أغض للبصر , وأحصن للفرج وقال عليه الصلاة والسلام : تزوجوا ; فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة
النكاح يترتب عليه مصالح عظيمة - منها : بقاء النسل البشري ,, وتكثير عدد المسلمين , وإغاظة الكفار بإنجاب المجاهدين في سبيل الله والمدافعين عن دينه .
- ومنها : إعفاف الفروج , وإحصانها , وصيانتها من الاستمتاع المحرم الذي يفسد المجتمعات البشرية - ومنها : قيام الزوج على المرأة بالرعاية والإنفاق ; قال تعالى : الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ -- ومنها : حصول السكن والأنس بين الزوجين , وحصول الراحةة النفسية ; قال تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا وقال تعالى : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا - ومنها : أنه حماية للمجتمعات البشريةة من الوقوع في الفواحش الخلقية التي تهدم الأخلاق وتقضي علىى الفضيلة - ومنها : حفظ الأنساب , وترابط القرابة والأرحام بعضها ببعض , وقيام الأسر الشريفة التي تسودها الرحمة والصلة والنصرة على الحق - - ومنها : الترفع ببني الإنسان عن الحياة البهيمية إلى الحياة الإنسانية الكريمة .
. .. إلى غير ذلك من المصالح العظيمة التي تترتب على النكاح الشرعي الشريف النظيف القائم على كتاب الله وسنة رسول . * والنكاح عقد شرعي يقتضي حل استمتاع كل من الزوجين بالآخر , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : استوصوا بالنساء خيرا , فإنهن عوان عندكم , استحللتم فروجهن بكلمة الله
" وعقد النكاح ميثاق بين الزوجين , قال تعالى : وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا فهو عقد يوجب على كل من الزوجين نحو الآخر الوفاء بمقتضاه ; قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ
* ويباح لمن عنده المقدرة والأمن من الحيف أن يتزوج بأكثر من واحدة ; -257- قال تعالى : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً والعدل المطلوب هنا هو العدل المستطاع , وهو التسوية بين الزوجات في النفقة والكسوة والمسكن والمبيت .
* وإباحة تعدد الزوجات من محاسن هذه الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان ; لما فيه من المصالح العظيمة للرجال والنساءء والمجتمعات : - لأنه من المعلوم كثرة عدد النساء عن عدد الرجال مع ما يعتري الرجال من الأخطار التي تقلل عددهم , كأخطار الحروب والأسفار , مما ينقرض معه كثرة الرجال , ويتوفر به عدد النساء , فلو قصر الرجل على واحدة , تعطل كثير من النساء .
- وكذلك معروف ما يعتري المرأة من الحيض والنفاس , فلو منع الرجل من التزوج بأخرى ; لمرت عليه فترات كثيرة يحرم فيها من المتعة والإنجاب .
- ومعروف أن الاستمتاع بالمرأة استمتاعا كاملا ومثمرا ينتهي ببلوغها سن اليأس , وهو بلوغ الخمسين من عمرها ; بخلاف الرجل , فنه يستمر صلاحيته للاستمتاع والإنجاب إلى سن الهرم , فلو قصر على واحدة ; لفات عليه خير كثير , وتعطل عنده منفعة الإنجاب والنسل .
- إضافة إلى أنه إذا كان من المعلوم أن عدد النساء يزيد على عدد الرجال في غالب المجتمعات البشرية ; فإن قصر الرجل على امرأة واحدة يترك كثيرا من النساء لا عائل لهن , وبالتالي يفضي هذا إلى الفساد الخلقي , وضياع كثير من النساء , أو حرمانهن من متعة الحياة وزينتها .
والحكم البالغة في إباحة تعدد الزوجات كثيرة ; فقاتل الله من يحاول سد هذا الطريق وتعطيل هذه المصالح .
والنكاح من حيث الحكم الشرعي على خمسة أنواع : تارة يكون واجبا , وتارة يكون مستحبا , وتارة يكون حراما , وتارة يكونن مكروها : - فيكون النكاح واجبا على من يخاف على نفسه الزنا إذا تركه ; لأنه طريق لإعفاف نفسه من الحرام , وفي هذه الحالة قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وإن احتاج الإنسان إلى النكاح , وخاف العنت بتركه , قدمه على الحج الواجب " . وقال غيره : " يكون له أفضل من الحج التطوع والصلاة والصوم التطوع , .
قالوا : ولا فرق في هذه الحالة بين القادر على الإنفاق والعاجز عنه . قال الشيخ تقي الدين : ( ظاهر كلام أحمد والأكثرين عدم اعتبار الطول , لأن الله وعد عليه الغنى بقوله : إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وقد كان النبي يصبح وما عنده شيء , ويمسي وما عنده شيء , وزوج رجلا لم يقدر على خاتم من حديد ) .
- ويستحب النكاح مع وجود الشهوة وعدم الخوف من الزنى لاشتماله على مصالح كثيرة للرجال والنساء .
- ويباح النكاح مع عدم الشهوة والميل إليه ; كالعنين والكبير وقد يكون مكروها في هذه الحالة , لأنه يفوت على المرأة الغرض الصحيح من النكاح , وهو إعفافها , ويضر بها .
- ويحرم النكاح على المسلم إذا كان في دار كفار حربيين لأن فيه تعريضا لذريته للخطر واستيلاء الكفار عليهم , ولأنه لا يأمن على زوجته منهم .
ويسن نكاح المرأة الدينة ذات العفاف والأصل الطيب لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ; أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها , ولجمالها , ولدينها ; فاظفر بذات الدين , تربت يداك , متفق عليه وقد ورد النهي عن نكاحح المرأة لغير دينها ; قال صلى الله عليه وسلم: لا تنكحوا النساء لحسنهن فلعله يرديهن , ولا لمالهن فلعله يطغيهن , وانكحوهن للدين.
وقد حث النبي على اختيار البكر , فقال لجابر رضي الله عنه : فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك , متفق عليه , ولما في زواج البكرر من الألفة التامة , حيث لم يسبق لها التزوج بمن قد يكون قلبهاا متعلقا به ; فلا تكون حاجتها للزوج الأخير تامة .
ويسن اختيار الزوجة الولود أي : بأن تكون من نساء يعرفن بكثرة الأولاد ; لحديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى اللهه عليه وسلم أنه قال : تزوجوا الودود الولود ; فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة رواه النسائي وغيره , وجاء بمعناه أحاديث .
وحكم التزوج يختلف باختلاف حال الشخص وقدرته الجسمية والمالية واستعداده لتحمل مسئوليته : وقد حث النبي الشباب على الزواج المبكر لأنهم أحوج إليه من غيرهم ; قال صلى الله عليهه وسلم: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة ; فليتزوج ; فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج , ومن لم يستطع , فعليه بالصوم , فإنه له وجاء رواه البخاري ومسلم وغيرهما .
والباءة : قيل : هي الجماع , وقيل : هي مؤن النكاح , ولا تنافي بين القولين ; لأن التقدير من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤن النكاح . وقوله : أغض للبصر ; أي : أدفع لعين المتزوج عن النظر إلى الأجنبية . وقوله : " أحصن للفرج " ; أي : أشد منعا وحفظا له من الوقوع في الفاحشة , ثم قال : " ومن لم يستطع , أي : لا يقدر على النكاح ومؤنه . ( فعليه بالصوم " ; أي : يتخذ الصوم علاجا بديلا .
" فإنه له وجاء ; أي : يدفع الشهوة ويجنبه خطرها كما يقطع الوجاء , وهو الاختصاء , لأن الصائم بتقليل الطعام والشراب يحصل له انكسار الشهوة , ويحصل له شعور خاص في حال الصيام من خشية الله وتقواه , كما قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ قال تعالى : وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فأمر بمقاومة الشهوة واتقاء خطرها بأمرين مرتبين :
الأمر الأول : الزواج عند المقدرة عليه
والثاني : الصيام لمن لم يقدر على الزواج ; مما يدل على أنه لا يجوز للإنسان أن يترك نفسه في مدارج الخطر .
وهذا كقوله تعالى : وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ إلى قوله تعالى : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ