زيارة المسلم لإخوانه المسلمين من الأمور التي ينبغي أن يحرص عليها؛ لأن ذلك يقوي أواصرهم، ويعزز تماسك بنيانهم، ويجعلهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، ولا يتم ذلك إلا بمراعاة آداب الزيارة؛ وهي:
ابتغاء وجه الله، وحبًا في الله، وتعاونًا على البر والتقوى.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ؛ قال: «أن رجلًا زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصد الله له، على مدرجته، ملكًا فلما أتى عليه، قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله عز وجل!. قال: فإنِّي رسول الله إليك، بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه!!» [أخرجه مسلم: (2567)].
اختيار الوقت المناسب والتخول في الزيارة.
وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال ﷺ: «زر غبًا تزدد حبًا». [«صحيح الترغيب والترهيب» (2583)].
وقال بعض السلف: لا تزرقومًا قبل أن يشتاقوا إليك، ولا تمكث بينهم حتى يضجروا منك.
واستأذن أبو موسى الأشعري –رضي الله عنه- على عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- ثلاثًا فلم يؤذن له فانصر، ثم قال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ ائذنوا له، فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلما جاء بعد ذلك قال: ما أرجعك؟ قال: إني استأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي، وإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فلينصرف» [« السلسلة الصحيحة» (3474)].
أن تخلو الزيارات من المخالفات الشرعية؛ كالاختلاط، والنظر إلى النساء الأجنبيات ومصافحتهن.
عن معقل بن يسار –رضي الله عنه- قال: «لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له» [الصحيحة: 226].
عدم الانحناء والتقبيل بل يلقى أخاه بالمصافحة.
عن أنس –رضي الله عنه- قال: قال رجل يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه: أينحني له؟ قال ﷺ: «لا!»، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: «لا!» قال: أفيأخذه بيده ويصافحه؟ قال: «نعم!» [أخرجه الترمذي (2728) وصححه الألباني].
عن البراء بن عازب –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «ما من مسلمين يلتقيان؛ فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا» [الصحيحة: 525].
التفسح في المجلس.
قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المجادلة: 11].
عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- قال: «نهى رسول الله ﷺ أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر، ولكن تفسحوا وتوسعوا» [متفق عليه].
عدم الجلوس في موضع سيعود إليه صاحبه.
عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه؛ فهو أحقّ به» [أخرجه مسلم].
عدم الاستماع إلى حديث القوم والتنصت عليهم.
عن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: قال ﷺ: «من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، صب في أذنيه الآنك» [«صحيح الجامع» (6028)].
عدم نقل الكلام الذي يحدث بين الزائر وصاحب البيت، وكذلك عدم نشر عورات البيوت؛ لأن ذلك قد يؤدي على شرور وفتن، وقطيعة رحم، وفساد ذات البين.
عن عثمان بن عفان –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «إنما المجالس بالأمانة!» [«صحيح الجامع»: (2330)].
أن يدعو الزائر لأهل البيت، ويثني عليهم ويشكرهم؛ فإن الذي لا يشكر الناس لا يشكر الله.
عن أسامة بن زيد –رضي الله عنهما- عن رسول الله ﷺ قال: «من صنع إليه معروف؛ فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا؛ فقد أبلغ في الثناء!» [صحيح الجامع: 6368].