Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
albasseira.overblog.com

un blog qui traite des sujets sur l'islam

شرح كتاب الموطأ كتاب الأقضية الجزء 4

الجزء 4 شرح كتاب الموطأ كتاب الأقضية

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ ) فَإِنَّهُمْ إنْ شَهِدُوا بِقَتْلِ صَبِيٍّ لِصَبِيٍّ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ الدِّيَةُ بِلَا قَسَامَةٍ وَقَالَهُ أَصْبَغُ قَالَ سَحْنُونٌ : وَعَمْدُ الصَّبِيِّ كَالْخَطَأِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا شَهَادَةٌ كَامِلَةٌ فَاسْتَغْنَتْ عَنْ الْقَسَامَةِ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي سِتَّةِ صِبْيَانٍ لَعِبُوا فِي الْبَحْرِ فَغَرِقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ أَنَّهُمَا غَرَّقَاهُ وَشَهِدَ الِاثْنَانِ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَنَّهُمْ غَرَّقُوهُ قَالَ الْقَتْلُ عَلَى الْخَمْسَةِ ; لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ مُخْتَلِفَةٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : هَذَا غَلَطٌ ; لِاخْتِلَافِهِمْ , وَلَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ : وَلَوْ كَانُوا كِبَارًا فَاخْتَلَفُوا هَكَذَا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ ; لِأَنَّهُ صَارَتْ شَهَادَتُهُمْ إقْرَارًا وَقَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي أَنَّ اخْتِلَافَ شَهَادَتِهِمْ لَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ يَقْتَضِي التَّهَاتُرَ , وَإِبْطَالَ بَعْضِهَا , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ .

( ش ) : قَوْلُهُ مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي إنَّمَا يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - حَانِثًا عَلَى وَجْهٍ يَأْثَمُ بِهِ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - قَعَدَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ , وَإِنَّمَا ذَكَرَ مِنْبَرَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ لَهُ , وَالْإِعْلَامِ بِتَغْلِيظِ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ حَلَفَ عَلَيْهِ آثِمًا . وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي حَدِيثَ أَبِي أُمَامَةَ الْحَارِثِيِّ أَنَّهُ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ , وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ , وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْبَرَهُ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقَى اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ } فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ { إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا } الْآيَةَ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ ذِكْرَ الْمِنْبَرِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَلَى مَعْنَى التَّغْلِيظِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( فَصْلٌ ) : قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْيَمِينُ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي قَضِيبٍ مِنْ أَرَاكٍ لِقِلَّتِهِ وَتَفَاهَتِهِ , وَإِنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ فِيمَا لَهُ بَالٌ لَكِنَّهُ إنْ وَقَعَ مِنْ أَحَدٍ الْيَمِينُ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَضِيبٍ مِنْ أَرَاكٍ أَوْ شَيْءٍ تَافِهٍ فَهَذَا حُكْمُهُ , وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْيَمِينِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ , وَإِنَّمَا تَضَمَّنَ الْحَدِيثُ حُكْمَ مَنْ حَلَفَ عِنْدَهُ آثِمًا , وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم , وَإِنْ كَانَ عَلَى الْبَتِّ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِهِ أَوْ حَلَفَ فَاقْتَطَعَ بِيَمِينِهِ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ فَإِنَّ لِشُيُوخِنَا فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْوَعِيدَ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ فَلَا يُقَالُ لِمَنْ رَجَعَ عَنْهُ كَاذِبٌ , وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّاعِرُ وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ لَمُخْلِفُ إيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي يَمْدَحُ نَفْسَهُ بِإِخْلَافِ الْوَعِيدِ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذِبًا لِمَا مَدَحَ نَفْسَهُ بِهَا فَعَلَى هَذَا الْوَعِيدُ مُتَوَجِّهٌ إلَى كُلِّ عَاصٍ وَقِيلَ : إنَّ الْوَعِيدَ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ , وَإِنَّ الْخُلْفَ فِيهِ ضَرْبٌ مِنْ الْكَذِبِ وَذَلِكَ مُحَالٌ فِي صِفَةِ الْبَارِي - تَعَالَى - فَعَلَى هَذَا الْوَعِيدُ مُتَوَجِّهٌ إلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ الْبَارِي - تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لَهُ , وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُعَاقِبَهُ دُونَ مَنْ أَرَادَ الْعَفْوَ . وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى - { ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ } وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ فِي إسْمَاعِيلَ : { إنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ } فَوَصَفَ الْوَعْدَ بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ .

( ش ) : قَضَاءُ مَرْوَانَ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالْيَمِينِ عَلَى الْمِنْبَرِ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , وَلَمْ يَكُنْ زَيْدٌ يَقُولُ إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ , وَإِنَّمَا كَانَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ إعْظَامًا لَهُ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ صَادِقًا , وَيَقُولُ أَخْشَى أَنْ يُوَافِقَ قَدَرًا فَيُقَالُ إنَّ ذَلِكَ لَيَمِينُهُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْيَمِينُ تُغَلَّظُ بِالْمَكَانِ فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحُقُوقِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ , وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم { مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي آثِمًا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } , وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ تَأْثِيرًا فِي الْأَيْمَانِ وَتَعَلُّقِهَا بِهَا , وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدٌ فِي الْغَالِبِ مُخْتَارًا فَثَبَتَ أَنَّهُ إنَّمَا تَوَجَّهَ إلَى الْحُكْمِ بِهِ , وَإِلَّا بَطَلَتْ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ , وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ التَّغْلِيظَ يَتَعَلَّقُ بِالْكَثِيرِ مِنْ الْأَمْوَالِ لِلرَّدْعِ عَنْهَا كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ .

مَا لَا يَجُوزُ مِنْ غَلْقِ الرَّهْنِ غَلْقُ الرَّهْنِ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُفَكَّ يُقَالُ غَلِقَ الرَّهْنُ إذَا لَمْ يُفَكَّ فَمَعْنَى التَّرْجَمَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْقَدَ الرَّهْنُ عَلَى وَجْهٍ يَئُولُ إلَى الْمَنْعِ مِنْ فَكِّهِ , وَأَنْشَدَ الرَّبَعِيُّ , وَفَارَقْتُك بِرَهْنٍ لَا فِكَاكَ لَهُ يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَمْسَى رَهْنُهَا غَلَقَا . ( ص ) : ( مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ { لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ } قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ فِيمَا نَرَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ الرَّهْنَ عِنْدَ الرَّجُلِ بِالشَّيْءِ , وَفِي الرَّهْنِ فَضْلُ عَمَّا رُهِنَ فِيهِ فَيَقُولُ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ إنْ جِئْتُك بِحَقِّك إلَى أَجَلٍ يُسَمِّيهِ لَهُ , وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَك بِمَا رُهِنَ فِيهِ قَالَ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ , وَلَا يَحِلُّ , وَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ , وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ بِاَلَّذِي رَهَنَ بِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ فَهُوَ لَهُ , وَأَرَى هَذَا الشَّرْطَ مَفْسُوخًا ) . ( ش ) : قَوْلُهُ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ مَعْنَاهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لَا يُمْنَعُ مِنْ فَكِّهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ عَقْدٍ يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ وَعَنْ اسْتِدَامَتِهِ إنْ عَقَدَ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَمَّنُ , فَإِنْ وَقَعَ فَقَدْ قَالَ يُرْهَنُ الرَّهْنُ فِي دَيْنِهِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ لَا يَصْلُحُ , وَلَا يَحِلُّ يُرِيدُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ , وَهُوَ فِي دَيْنٍ ثَابِتٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَهُ ثَوْبًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ يَرْهَنَهُ بِهِ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَهُ بِالثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ , وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالرَّهْنُ فَاسِدٌ , وَلَهُ إنْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ حُكْمُ الرَّهْنِ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ . قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ : وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ سَلَمٌ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ , وَالرَّهْنُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُنْقَضُ مِنْ قَرْضٍ كَانَ أَوْ مِنْ بَيْعٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا احْتَجَّ بِهِ مَالِكٌ مِنْ النَّهْيِ عَنْهُ وَالنَّهْيُ عَنْهُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ; وَلِأَنَّهُ فِي الْقَرْضِ تَارَةً يَكُونُ بَيْعًا وَتَارَةً يَكُونُ قَرْضًا , وَهُوَ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ بِمَعْنَى فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَذَلِكَ يَمْنَعُ صِحَّةَ مَا عَمِلَا عَلَيْهِ مِنْ غَلْقِ الرَّهْنِ , وَهُوَ بَيْعُهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ بِهِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : فَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْعٍ انْعَقَدَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ بِأَنْ يَبِيعَهُ ثَوْبًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ بِهِ دَابَّةً عَلَى أَنْ جَاءَهُ بِالثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ , وَإِلَّا فَالدَّابَّةُ لَهُ عِوَضًا مِنْ الثَّوَابِ فَإِنَّ هَذَا الْبَيْعَ فَاسِدٌ ; لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَدْرِي بِمَا بَاعَ ثَوْبَهُ بِالْمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ بِالدَّابَّةِ فَيُنْقَضُ الْبَيْعُ , وَالرَّهْنُ مَا لَمْ يَفُتْ الثَّوْبُ فَيَمْضِي الثَّوْبُ بِالْقِيمَةِ , وَيَبْطُلُ الْأَجَلُ وَشَرْطُ الرَّهْنِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ , وَلَمْ يُفْسَخْ الرَّهْنُ إلَى رَبِّهِ , وَأَخَذَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ سَوَاءٌ تَغَيَّرَ قَبْلَ الْأَجَلِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ حَوَالَةِ أَسْوَاقٍ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ , وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَهُ بِحَقِّهِ , وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ ; لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ أَخَذَهُ , وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ إنَّهُ يُفْسَخُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا إلَى سَنَةٍ أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ السَّنَةِ , وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ : وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُفْسَخَ غِلَاقُهُ , وَأَمَّا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ , وَيَبْقَى دَيْنُهُ دُونَ رَهْنٍ فَلَا ( مَسْأَلَةٌ ) : فَإِنْ لَمْ يُرَدَّ بَعْدَ الْأَجَلِ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ حَتَّى تَغَيَّرَتْ أَسْوَاقُهُ أَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ لَزِمَهُ بِقِيمَتِهِ , وَيُقَاصُّ بِثَمَنِهِ مِنْ دَيْنِهِ , وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا وَقَعَ فِيهِ يَوْمَ حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنْ فَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ فَاتَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ : وَهَذَا فِي السِّلَعِ وَالْحَيَوَانِ , وَأَمَّا فِي الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ فَإِنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ , وَطُولَ الزَّمَانِ لَا يُفِيتُهَا وَتُرَدُّ إلَى الرَّاهِنِ ; لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ مُحَرَّمٌ , وَإِنَّمَا يُفِيتُهَا الْهَدْمُ وَالْبُنْيَانُ وَالْغَرْسُ سَوَاءٌ تَهَدَّمَتْ بِفِعْلِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ . ( فَرْعٌ ) فَإِنْ فَاتَ الرَّهْنُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى وَجْهٍ يَلْزَمُهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْهُ : عَلَيْهِ قِيمَتُهُ قِيلَ يَوْمَ فَاتَ وَقِيلَ يَوْمَ حَلَّ الْأَجَلُ , وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ : وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَحَبُّ إلَيَّ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَبَضَ الرَّهْنَ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ فَلِذَلِكَ رُوعِيَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْفَوَاتِ ; لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ وَقَبْلَ الْفَوَاتِ , وَإِلَيْهِ كَانَ يُرَدُّ لَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي , وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهُ يَوْمَ الْأَجَلِ مَقْبُوضٌ لِلْبَيْعِ , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا لِلْبَيْعِ لَمَا فَاتَ بِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ , وَلَا زِيَادَةَ , وَلَا نُقْصَانَ , وَلِذَلِكَ يَضْمَنُ بَعْدَ الْأَجَلِ ضَمَانَ مَا بِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا دُونَ ضَمَانِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ الرَّهْنِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَرَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونَ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ هُوَ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ وَمَعْنَاهُ عِنْدَ مَالِكٍ , وَأَصْحَابِهِ لَهُ غَلَّتُهُ وَخَرَاجُ ظَهْرِهِ وَأُجْرَةُ عَمَلِهِ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ أَيْ نَفَقَتُهُ , وَلَيْسَ يُرِيدُ بِهِ الْهَلَاكَ وَالْمُصِيبَةَ ; لِأَنَّ الْغُنْمَ إنْ كَانَ الْخَرَاجُ وَالْغَلَّةُ كَانَ الْغُرْمُ مَا قَابَلَ ذَلِكَ مِنْ النَّفَقَةِ , وَهُوَ نَحْوُ مَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ أَيْ غَلَّتُهُ لِرَبِّهِ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُهُ كَوْنُهُ رَهْنًا مِنْ صَرْفِ هَذِهِ الْمَنَافِعِ إلَى مَالِكِهِ الرَّاهِنِ أَوْ غَيْرِهِ . وَقَدْ رَأَيْت لِلشَّيْخِ أَبِي إسْحَاقَ نَحْوَ هَذَا التَّفْسِيرِ فِيهِ , وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ ; لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْقَرْضِ وَعِوَضٌ مَجْهُولٌ فِي الْمُبَايَعَةِ . وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مَعْنَى قَوْلِهِ لَهُ غُنْمُهُ أَيْ مَنْفَعَتُهُ , وَلَمْ يُرَدَّ مِلْكُهُ ; لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَزُلْ عَنْ الرَّاهِنِ وَغُرْمُهُ أَيْ نَفَقَتُهُ وَتَلَفُهُ إذَا ثَبَتَ تَلَفُهُ مِنْ الرَّاهِنِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيِّينَ : مَعْنَى قَوْلِهِ لَهُ غُنْمُهُ أَيْ رُجُوعُهُ إلَيْهِ , وَيَرْجِعُ رَبُّ الْحَقِّ عَلَيْهِ بِحَقِّهِ وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ إنَّ غُرْمَهُ عَلَيْهِ يُرِيدُ أَنَّ الْغُرْمَ الَّذِي رَهَنَ مِنْ أَجْلِهِ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ رُجُوعُ الرَّهْنِ إلَيْهِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ .

( ش ) : قَوْلُهُ مَنْ رَهَنَ حَائِطًا إلَى أَجَلٍ فَأَثْمَرَ الْحَائِطُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَإِنَّ ذَلِكَ الثَّمَرَ لَا يَكُونُ رَهْنًا مَعَ الْحَائِطِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رضي الله عنه : مَعْنَاهُ لَا يَكُونُ لِلثَّمَرَةِ حُكْمُ الرَّهْنِ , وَلَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ النَّمَاءَ مِنْ الرَّهْنِ عَلَى ضَرْبَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَوَّلِ كَثَمَرَةِ النَّخْلِ وَعَسَلِ النَّحْلِ وَغَلَّةِ الزَّرْعِ وَالرِّبَاعِ وَغَلَّةِ الْعَبِيدِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ , فَهَذَا كُلُّهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا مَعَ الْأَصْلِ مَا حَدَثَ مِنْهُ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ فَأَمَّا الثَّمَرَةُ فَسَوَاءٌ حَدَثَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَ الرَّهْنِ مُزْهِيَةً أَوْ غَيْرَ مُزْهِيَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ : إنَّ اللَّبَنَ وَالصُّوفَ وَثَمَرَ النَّحْلِ وَالشَّجَرَ مَا حَدَثَ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الرَّهْنِ فَهُوَ فِي الرَّهْنِ وَكَذَلِكَ الْغَلَّةُ وَالْخَرَاجُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ نَمَاءٌ حَادِثٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَصْلِ فَلَمْ يَتْبَعْهُ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ أَصْلُ ذَلِكَ مَالُ الْعَبْدِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَأَمَّا أَصْوَافُ الْغَنَمِ , وَأَلْبَانُهَا فَلَا تُتَّبَعُ أَيْضًا إذَا حَدَثَتْ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ كَامِلَةٍ فَأَمَّا إنْ كَانَتْ كَامِلَةً يَوْمَ عَقْدِ الرَّهْنِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : يَلْحَقُهَا حُكْمُ الرَّهْنِ . وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَكُونُ رَهْنًا إلَّا بِالشَّرْطِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِالْحَيَوَانِ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ قَدْ كَمُلَ , وَيُتَّبَعُ فِي الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَكَذَلِكَ فِي الرَّهْنِ كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ . وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ فِي النَّخْلِ تُرْهَنُ , وَفِيهَا ثَمَرَةٌ يَابِسَةٌ : يَجِبُ أَنْ تَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالصُّوفِ التَّامِّ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رضي الله عنه : وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ الثَّمَرَةَ الْيَابِسَةَ لَا تُتَّبَعُ فِي الرَّهْنِ ; لِأَنَّهَا لَا تُتَّبَعُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الصُّوفِ ; لِأَنَّ الصُّوفَ لَا يَخْلُو مِنْهُ الْحَيَوَانُ , وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِصْلَاحِ لَهُ فَأَشْبَهَ جَرِيدَ النَّخْلِ , وَأَمَّا الثَّمَرَةُ فَمِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَصْلِ وَمَقْصُودَةٌ بِالْغَلَّةِ تَخْلُو مِنْهَا الشَّجَرَةُ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهَا وَذَلِكَ حُكْمُ رَطْبِهَا , وَيَابِسِهَا وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ غَلَّةٌ فَلَمْ تَتْبَعْ الْأَصْلَ فِي الرَّهْنِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَاللَّبَنِ فِي ضُرُوعِ الْغَنَمِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَأَمَّا غَلَّةُ الدُّورِ الْمُكْتَرَاةِ وَغَلَّةُ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ رَهْنًا مَعَ الرِّقَابِ , وَكَذَلِكَ مَالُ الْعَبْدِ لَا يَتْبَعُهُ فِي الرَّهْنِ إلَّا بِالشَّرْطِ قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ شَرَطَهُ جَازَ ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا كَمَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ شَرَطَهُ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ لَهُ أَفَادَ بَعْدَ الرَّهْنِ ; لِأَنَّهُ غَلَّةٌ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ عَبْدُوسٍ : وَلَا مَا وُهِبَ لَهُ قَالَ فِي الْكِتَابَيْنِ إلَّا أَنْ يَرْبَحَ فِي الْمَالِ الَّذِي شَرَطَهُ فَهُوَ كَمَالِهِ .

( ش ) : قَوْلُهُ : مَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ يُعْرَفُ هَلَاكُهُ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ غَالِبَ أَمْرِهِ أَنَّ ضَيَاعَهُ يُعْرَفُ وَيُشْتَهَرُ , وَلَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْأَرْضِ وَالدُّورِ وَالْحَيَوَانِ فَإِنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ بِالْمَغِيبِ عَلَيْهِ وَالسَّتْرِ لَهُ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ وَالثَّمَرَةُ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ , وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ , وَأَمَّا الْأَرْضُ وَالرِّبَاعُ كُلُّهَا وَأُصُولُ الشَّجَرِ مِمَّا لَا يُنْقَلُ , وَلَا يُحَوَّلُ فَأَمْرُهَا ظَاهِرٌ يُعْلَمُ صِدْقُ مُدَّعِي ضَيَاعَهَا مِنْ كَذِبِهِ . وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَإِنَّ ادِّعَاءَ إبَاقِ الْعَبْدِ , وَهُرُوبِ الْحَيَوَانِ أَمْرٌ لَا يَكَادُ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يُقِيمَ بِهِ بَيِّنَةً ; لِأَنَّ هَذَا يَكُونُ كَثِيرًا فِي وَقْتِ الْغَفْلَةِ , وَفِي حِينٍ لَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِهِ قَالَ مَالِكٌ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ مَا أَخَذَهُ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِ الضَّمَانِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ وَذَلِكَ مِثْلُ مَا قَالَ أَشْهَبُ إذَا زَعَمَ أَنَّ الدَّابَّةَ انْفَلَتَتْ مِنْهُ أَوْ الْعَبْدَ كَابَرَهُ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ النَّاسِ فَيُنْكِرُونَ ذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ اُدُّعِيَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ عُدُولٍ فَلَا يُصَدَّقُونَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ , وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ , وَأَصْحَابِهِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا غَيْرَ عُدُولٍ لَمْ يَثْبُتْ كَذِبُهُ وَكَانَ عَلَى أَصْلِهِ فِي التَّصْدِيقِ وَانْتِفَاءِ الضَّمَانِ ; لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ أَخَذَهُ فَوُجُودُ غَيْرِ الْعُدُولِ كَعَدَمِهِمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ لَهُ وَعَلَيْهِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ بِدَعْوَاهُ ذَلِكَ بِمَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُ أَهْلُهُ ذَلِكَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ إذَا ادَّعَى مَوْتَهُ فِي الْفَيَافِي وَالْقَفْرِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ بِهِ مَنْ يُعْرَفُ بِهِ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ فَإِنْ كَانَ فِي الْقُرَى وَحَيْثُ يَكُونُ النَّاسُ فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ فِيهِ أَهْلُ الْعَدْلِ , وَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَوْتَ ذَلِكَ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَلَوْ قَالَ مَاتَتْ دَابَّةٌ لَا نَعْلَمُ لِمَنْ هِيَ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ فَوَصَفُوهَا إنْ عَرَفُوا الصِّفَةَ أَوْ لَمْ يَصِفُوهَا قَبْلَ قَوْلِهِ إنَّهَا هِيَ , وَيَحْلِفُ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ مِنْ الْعِلْمِ هُوَ الَّذِي يَعْلَمُ أَهْلُ الْجِهَةِ الَّتِي مَاتَتْ الدَّابَّةُ بِهَا فَإِذَا عَدِمَ ذَلِكَ عُلِمَ كَذِبُهُ فِيمَا زَعَمَهُ مِنْ مَوْتِهِ , وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ رَأَى دَابَّةً مَيِّتَةً سَأَلَ عَمَّنْ مَلَكَهَا , وَلَا يَتَبَيَّنُ صِفَتَهَا بَلْ يَصْرِفُ بَصَرَهُ عَنْهَا , وَيُسْرِعُ الْمَشْيَ فِي الْبُعْدِ عَنْهَا فَلَا يَتَبَيَّنُ كَذِبُ مُدَّعِي ذَلِكَ فِي عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى مِنْهَا . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ : وَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُنْقِصُ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ شَيْئًا يُرِيدُ أَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ بِكَمَالِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ لِأَجْلِ مَا ذَهَبَ مِنْ الرَّهْنِ بِيَدِهِ ; لِأَنَّ ضَمَانَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا رَهَنَ مِنْ رَاهِنِهِ , وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ : الرَّهْنُ كُلُّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ . وَرَوَى الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ارْتَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ وَقَبَضَهُ كُلَّهُ وَتَلِفَ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِصِفَةٍ , وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ لِمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَضْمُونٌ بِقَدْرِ الدَّيْنِ دُونَ قِيمَتِهِ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ مَا لَا يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ لَا يُضْمَنُ بِقِيمَةِ غَيْرِهِ كَالْوَدِيعَةِ . وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ : قُلْت فَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ إنْ ضَاعَ فَقَالَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ , وَلَا يُعْلَمُ لَهُ قِيمَةٌ , وَلَا صِفَةٌ لِقَوْلِ الرَّاهِنِ , وَلَا الْمُرْتَهِنِ , وَلَا غَيْرِهِمَا فَهَذَا لَا طَلَبَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَقَدْ كَانَ الْقِيَاسُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَجْعَلَ قِيمَتَهُ مِنْ أَدْنَى الرَّهْنِ . وَقَدْ ذُكِرَ لِي ذَلِكَ عَنْ أَشْهَبَ وَمَا قُلْت لَك أَوَّلًا هُوَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ , وَأَحَقُّهُ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ , وَفِي الْحَدِيثِ إذَا عَمِيَتْ قِيمَتُهُ , وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ شَيْءٌ , وَلَا لَهُ أَصْلٌ , وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الرَّهْنَ يُضْمَنُ مِنْهُ قَدْرُ الدَّيْنِ , وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قِيمَتِهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ , وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ . وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَمَا رُوِيَ فَوْقَ هَذَا مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ هُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا جُهِلَتْ صِفَاتُهُ , وَلَمْ يَدَّعِ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ رَاهِنٌ , وَلَا مُرْتَهِنٌ , وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ , وَبَلَغَنِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه . وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ : الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ إذَا ضَاعَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - .

( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي وُجُوبِ الْحِيَازَةِ لِلرَّهْنِ وَكَوْنِهَا شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ أَوْ إتْمَامِهِ ) لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الرَّهْنِ السَّفَرُ خِلَافًا لِمُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا فِي السَّفَرِ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ كُلَّ وَثِيقَةٍ صَحَّتْ فِي السَّفَرِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ فِي الْحَضَرِ كَالْكَفَالَةِ , وَلَا يَتِمُّ لَهُ حُكْمُ الرَّهْنِ إلَّا بِالْحِيَازَةِ لَهُ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } فَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الرَّهْنِ اللَّازِمَةِ لَهُ وَذَلِكَ بِمَعْنَى الشَّرْطِ فِيهِ فَصَارَ حُكْمُ الرَّهْنِ مُتَعَلِّقًا بِالرَّهْنِ الْمَقْبُوضِ وَإِذَا أَقَرَّ الرَّهْنَ بِيَدِ الرَّاهِنِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ , وَلَا يَهَبَهُ , وَلَمْ يَطْلُبْهُ , وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ فَلَيْسَ بِرَهْنٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ مَنْ تَرَاضَيَا بِهِ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - وَصَفَ الرِّهَانَ بِأَنَّهَا رِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ , وَلَا يَقَعُ اسْمُ الْقَبْضِ عَلَى مَا يَبْقَى بِيَدِ الرَّاهِنِ , وَأَنَّ كُلَّ مَا جُعِلَتْ الْحِيَازَةُ شَرْطًا فِيهِ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِمَعْنَى الْقَبْضِ كَالْهِبَةِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَلَا يَكْفِي مِنْ حِيَازَتِهِ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ , وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَذَلِكَ أَنَّ حَقَّ الْغَيْرِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ حِينَ الْحَاجَةِ إلَى الْحُكْمِ بِكَوْنِهِ رَهْنًا بَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ أَوْ فَلَسِهِ وَقْتَ تَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِهِ , وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لَهُمَا إلَى ذَلِكَ , وَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمَا بِصِحَّتِهِ بِكُلِّ وَجْهٍ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ أَوْ أَفْلَسَ وَوُجِدَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِيَدِ الْأَمِينِ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدِهِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا يَنْفَعُ ذَلِكَ حَتَّى تَعْلَمَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ صَوَابٌ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا مُعَايَنَةُ الْحَوْزِ لَهَا حِينَ الِارْتِهَانِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ بِيَدِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ , وَلَمَّا كَانَ مِنْ شَرْطِ ثُبُوتِ حُكْمِ الرَّهْنِ لَهُ قَبْضُهُ وَحِيَازَتُهُ قَبْلَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الشَّرْطِ فِي وَقْتِهِ وَقَبْلَ فَوْتِهِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ رضي الله عنه : وَعِنْدِي لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ وُجِدَ بِيَدِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ ثُمَّ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ لَوَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ لَهُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْحَوْزِ بِمَعْنَى كَوْنِ الرَّهْنِ بِيَدِهِ فِي وَقْتٍ يَصِحُّ فِيهِ الْحَوْزُ وَظَاهِرُ اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَنْفَعَ هَذَا حَتَّى يُعَايِنَ تَسْلِيمَ الرَّاهِنِ لَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ , وَهُوَ وَجْهٌ مُحْتَمَلٌ , وَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ سَنُورِدُهَا وَنُنَبِّهُ عَلَيْهَا فِي مَوَاضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - .

( الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْحِيَازَةِ وَتَمْيِيزِهَا مِمَّا لَيْسَ بِحِيَازَةٍ ) فَأَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّهْنَ يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِمَا لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ - تَعَالَى - { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } قَالَ : فَلَنَا مِنْ الْآيَةِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } فَأَثْبَتَهَا رِهَانًا قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْآخَرُ أَنَّ قَوْلَهُ { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } أَمْرٌ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَبَرًا لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُوجَدَ رَهْنٌ غَيْرُ مَقْبُوضٍ وَمِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الرَّاهِنَ لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَسَلَّمَ فَصَحَّ فَيَثْبُتُ أَنَّهُ آمِرٌ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ عَقَدَ وَثِيقَةً كَالْكَفَالَةِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَهَلْ يَكُونُ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْحِيَازَةِ لِلرَّهْنِ أَنْ يَقْبِضَهُ الْحَائِزُ لِذَلِكَ أَمْ لَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ عَبْدًا سَنَةً أَوْ أَخَذَ حَائِطًا مُسَاقَاةً ثُمَّ ارْتَهَنَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَلَا يَكُونُ مُحَوِّزًا لِلرَّهْنِ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَبْلَ ذَلِكَ بِوَجْهٍ آخَرَ , وَفِي الْمَجْمُوعَةِ قَالَ سَحْنُونٌ : وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَرْتَهِنَ الرَّجُلُ مَا فِي يَدِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ , وَيَكُونُ ذَلِكَ حِيَازَةً لِلْمُرْتَهِنِ كَاَلَّذِي يُخْدِمُ الْعَبْدَ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى آخَرَ فَحَوْزُ الْمُخْدَمِ حَوْزٌ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ . وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إنْ رَهَنَ عَيْنًا كَانَ غَصَبَهَا قَبْلَ ذَلِكَ صَحَّ وَسَقَطَ ضَمَانُ الْغَصْبِ , وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ هَذَا رَهْنٌ بَقِيَ بِيَدِ مَنْ اسْتَحَقَّ قَبْضَهُ قَبْلَ الرَّهْنِ فَلَمْ يَكُنْ مَحُوزًا كَمَا لَوْ بَقِيَ بِيَدِ الرَّاهِنِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ احْتِجَاجِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ .

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article